قد تقرّر في كتب الفقه أن من وجبت عليه زكاة كان مخيرا بين أن يدفعها إلى الإمام أو نائبه، وبين أن يفرّقها بنفسه. والذي عليه العمل في زماننا بالديار المصرية أن أرباب الزكوات المؤدّين لها يفرّقونها بأنفسهم، ولم يبق منها ما يؤخذ على صورة الزكاة إلا شيئين:
أحدهما- ما يؤخذ من التجار وغيرهم
على ما يدخلون به إلى البلد من ذهب أو فضة، فإنهم يأخذون على كل مائتي درهم خمسة دراهم، ثم إذا اشترى بها شيئا وخرج به وعاد بنظير المبلغ الأوّل لا يؤخذ منه شيء عليه حتّى يجاوز سنة. إلا أنهم انتقصوا سنة ذلك فجعلوها عشرة أشهر، وخصّوه بما إذا لم يزد في المدّة المذكورة على أربع مرار، فإن زاد عليها استأنفوا له المدّة، ثم إنه إذا كان بالبلد متجر لأحد من تجار الكارم «٢» من بهار ونحوه وحال عليه الحول بالبلد، أخذوا عليه الزكاة أيضا. ومجرى ذلك جميعه مجرى سائر متحصّل الإسكندرية في المباشرة وغيرها.
الثاني- ما يؤخذ من العداد من مواشي أهل برقة من الغنم والإبل
عند وصولهم إلى عمل البحيرة بسبب المرعى، وفي الغالب يقطع لبعض الأمراء، ويخرج قصّادهم لأخذه.