ويقدّم له من إصطبلات الخليفة بغلة شهباء يركبها دائما، وهو مختص بهذا اللون من البغال دون أرباب الدولة، ويخرج له من خزانة السروج مركب ثقيل وسرج برادفتين من الفضة، وفي المواسم الأطواق، وتخلع عليه الخلع المذهبة؛ وكان من مصطلحهم أنه لا يعدّل شاهدا إلا بأمر الخليفة، ولا يحضر إملاكا ولا جنازة إلا بإذن، وإذا كان ثمّ وزير لا يخاطب بقاضي القضاة لأن ذلك من نعوت الوزير، ويجلس يوم الاثنين والخميس بالقصر أول النهار للسلام على الخليفة، ويوم السبت والثلاثاء يجلس بزيادة الجامع العتيق بمصر، وله طرحة ومسند للجلوس وكرسيّ توضع عليه دواته. وإذا جلس بالمجلس، جلس الشهود حواليه يمنة ويسرة على مراتبهم في تقدّم تعديلهم. قال ابن الطوير: حتى يجلس الشابّ المتقدّم التعديل أعلى من الشيخ المتأخر التعديل، وبين يديه أربعة موقعون اثنان مقابل اثنين، وببابه خمسة حجّاب: اثنان بين يديه واثنان على باب المقصورة وواحد ينفذ الخصوم. ولا يقوم لأحد وهو في مجلس الحكم البتّة.
الثاني- «داعي الدّعاة»
«١» . وكان عندهم يلي قاضي القضاة في الرتبة ويتزيّا بزيه في اللباس وغيره. وموضوعه عندهم أنه يقرأ عليه مذاهب أهل البيت بدار تعرف بدار العلم، ويأخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبهم.
الثالث- «المحتسب»
. وكان عندهم من وجوه العدول وأعيانهم، وكان من شأنه أنه إذا خلع عليه قريء سجلّه بمصر والقاهرة على المنبر؛ ويده مطلقة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قاعدة الحسبة؛ ولا يحال بينه وبين مصلحة أرادها؛ ويتقدّم إلى الولاة بالشدّ منه، ويقيم النوّاب عنه بالقاهرة ومصر