أهلها حتّى تسمع باغتباطها؛ وعند ذلك يتحدّث كلّ منهم بلسان الشّكور، ويتمثل بقوله تعالى: بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
«١» واعلم أنه قد يجاورك في بعضها جيران ذو بلاد وعساكر، وأسرّة ومنابر، وأوائل للمجد وأواخر؛ وما منهم إلا من يتمسّك منّا بودّ سليم، وعهد قديم، وله مساعدة نعرف له حقّها (والحقّ يعرفه الكريم) .
فكن لهؤلاء جارا يودّون جواره، ويحمدون آثاره؛ وإن سألوك عهدا فابذله لهم بذل وفيّ واقف على السّنن، مساو بين السرّ والعلن؛ ولا يكن وفاؤك لخوف تتّقي مراصده، ولا لرجاء ترقب فوائده؛ فالله قد أغناك أن تكون إلى المعاهدة لاجيا، وجعلك بنا مخوفا ومرجوّا لا خائفا ولا راجيا؛ وقد زدناك فضلة في محلك تكون بها على غيرك مفضّلا، وقد كنت من قبلها أغرّ فأوفت بك أغرّ محجّلا؛ وذاك أنّا جعلناك على آية الخيل تقودها إلى خوض الغمار، وتصرّفها في منازل الأسفار، وترتّب قلوبها وأجنحتها على اختلاف مراتب الأطوار؛ فنحن لا نلقى عدوّا ولا ننهد إلى بلد إلا وأنت كوكبنا الذي نهتدي بمطلعه، ومفتاحنا الذي نستفتح المغلق بيمن موقعه، ونوقن بالنصر في ذهابه وبالغنيمة في مرجعه؛ والله يشرح لك صدرا، وييسّر لك منّا أمرا، ويشدّ أزرنا بك كما شدّ لموسى بأخيه أزرا، والسلام.
الأسلوب الثاني (أن يفتتح التوقيع بالإقطاع بلفظ: «أما بعد فإنّ كذا» )
ويذكر ما سنح له من أمر السلطان أو الإقطاع أو صاحبه، ثم يتعرّض إلى أمر الإقطاع؛ وهو دون الأسلوب الذي قبله في الرتبة.
وهذه نسخة توقيع بإقطاع من هذا الأسلوب، كتب بها لأمير قدم على الدولة فاستخدمته؛ وهي: