«١» فقال مكانك، أتدري كم كانوا، قلت لا. قال كنّا أربعة: وكنت أنا المخاطب عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لهم، فقلت: يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ
«٢» ثم قال أتقول الشعر؟ قلت لا.
قال فترويه؟ قلت نعم. قال هاته، فأنشدته قصيدة زهير بن أبي سلمى «أمن أمّ أوفى» فقال لمن هذه؟ قلت لزهير بن أبي سلمى قال: الجنيّ؟ قلت: لا بل الإنسي. ثم رفع رأسه إلى قوم عنده، فقال ائتوني بزهير فأتي بشيخ كأنه قطعة لحم فألقي بين يديه- قال يا زهير- قال لبيك! قال «أمن أم أوفى» لمن هي؟
قال لي- قال هذا حمزة الزيات يذكر أنها لزهير بن أبي سلمى؛ قال: صدق وصدقت، قال: وكيف هذا؟ قال هو إلفي من الإنس وأنا تابعه من الجنّ، أقول الشيء فألقيه إليه في فهمه ويقول الشيء فآخذ عنه، فأنا قائلها في الجن وهو قائلها في الإنس. قال أبو نعيم: فصدق عندي حديث أبي الجوزاء أن وسواس الرجل يحدّث وسواس الرجل.
الفصل الثالث فيما يتصرف فيه صاحب هذا الديوان بتدبيره، ويصرّفه بقلمه، ومتعلق ذلك أثنا عشر أمرا
الأمر الأوّل التوقيع والتعيين
أما التوقيع فهو الكتابة على الرّقاع والقصص بما يعتمده الكاتب من أمر الولايات والمكاتبات في الأمور المتعلقة بالمملكة، والتحدّث في المظالم، وهو أمر جليل، ومنصب حفيل، إذ هو سبيل الإطلاق والمنع، والوصل والقطع، والولاية والعزل إلى غير ذلك من الأمور المهمات والمتعلقات السّنيّة. واعلم أن التوقيع كان يتولاه في ابتداء الأمر الخلفاء، فكان الخليفة