للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة- «التوقيع بالقلم الجليل»

وكان يسمّى عندهم الخدمة الصغيرة لجلالتها، ولصاحبها الطّرّاحة والمسند في مجلسه بغير حاجب. وموضوعها الكتابة بتنفيذ ما يوقّع به صاحب القلم الدقيق، وبسطه. وصاحب القلم الدقيق في المعنى ككاتب السر أو كاتب الدّست في زماننا، وصاحب القلم الجليل ككاتب الدّرج.

فإذا رفعت قصص المظالم، حملت إلى صاحب القلم الدقيق فيوقّع عليها بما يقتضيه الحال بأمر الخليفة أو أمر الوزير أو من نفسه، ثم تحمل إلى الموقّع بالقلم الجليل لبسط ما أشار إليه صاحب القلم الدقيق، ثم تحمل في خريطة إلى الخليفة فيوقّع عليها، ثم تخرج في خريطتها إلى الحاجب فيقف على باب القصر، ويسلّم كلّ توقيع لصاحبه. أمّا توقيع الخليفة بيده على القصص، فإنه إن كان ثمّ وزير صاحب سيف وقّع الخليفة على القصة بخطه: «وزيرنا السيد الأجل (ونعته بالمعروف به) أمتعنا الله تعالى ببقائه يتقدّم بكذا وكذا إن شاء الله تعالى» ويحمل إلى الوزير فإن كان يحسن الكتابة، كتب تحت خط الخليفة: «أمتثل أمر مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه» وإن كان لا يحسن الكتابة، كتب أمتثل فقط؛ وإن لم يكن وزير صاحب سيف: فإن أراد الخليفة نجاز الأمر لوقته، وقّع في الجانب الأيمن من القصة «يوقّع بذلك» فتخرج إلى صاحب ديوان المجلس فيوقّع عليها بالقلم الجليل ويخلى موضع العلامة «١» ، ثم تعاد إلى الخليفة فيكتب في موضع العلامة (يعتمد) وتثبت في الدواوين بعد ذلك. وإن كان يوقع في مساحة أو تسويغ أو تحبيس، كتبت لرافعها بذلك «وقد أمضينا ذلك» وإن أراد علم حقيقة القصة، وقّع على جانب القصة «ليخرج الحال في ذلك» وتحمل إلى الكاتب فيكتب الحال وتعاد إلى الخليفة فيفعل فيها ما أراد من توقيع ومنع، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>