للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالغ بعضهم فسوّى بينه وبين فصل الربيع فقال في ضمن تهنئة لبعض إخوانه:

هنيّت إقبال الخريف ... وفزت بالوجه الوضيّ

تمّ اعتدالا في الكمال ... فجاء في خلق سويّ

فحكى الرّبيع بحسنه ... ونسيم ريّاه الذّكيّ

وينوب ورد الزّعفران ... له عن الورد الجنيّ

وأبلغ منه قول الآخر يفضله على فصل الربيع الذي هو سيد الفصول ورئيسها:

محاسن للخريف لهنّ فخر ... على زمن الرّبيع وأيّ فخر

به صار الزّمان أمام برد ... يراقب نزحه وعقيب حرّ

ومع ذلك فالأطباء تذمّه لاستيلاء المرّة السّوداء فيه، ويقولون: أنّ هواءه رديء متى تشبّث بالجسم لا يمكن تلافيه؛ وفي ذلك يقول بعض الشعراء:

خذ في التّدثّر في الخريف فإنّه ... مستوبل ونسيمه خطّاف

يجري مع الأيّام جري نفاقها ... لصديقها ومن الصّديق يخاف

الرابع- فصل الشتاء

وهو أحد وتسعون يوما وربع يوم ونصف ثمن يوم، ودخوله عند حلول الشمس رأس الجدي؛ وذلك في الثامن عشر من كيهك وإذا بقي من كانون الأول ثمانية أيام؛ وآخره إذا أتت الشمس على آخر درجة من الحوت فيكون له من البروج الجدي والدّلو والحوت؛ وهذه البروج تدلّ على السكون؛ والطالع فيه مع الفجر سعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السّعود، وسعد الأخبية، والفرغ المقدّم والفرغ المؤخّر، والرّشاء. فيه تهبّ رياح الدّبور؛ وهو بارد رطب.

فيه يهيج البلغم، وتضعف قوى الأبدان. له من السنّ الشّيخوخة، ومن القوى البدنيّة القوة الدافعة، وفيه يشتدّ البرد، ويخشن الهواء، ويتساقط ورق الشّجر، وتنجحر «١» الحيّات، وتكثر الأنواء، ويظلم الجوّ، وتصير الأرض كأنها عجوز هرمة

<<  <  ج: ص:  >  >>