وقوله مم بكر جرى فيه على لغة أهل اليمن حيث يبدلون لام التعريف ميما. قال ابن الأثير: وعلى هذا فتكون راء بكر مكسورة من غير تنوين لأن أصله من البكر، فلما أبدلت الألف واللام ميما بقيت الحركة بحالها، ويكون قد استعمل البكر موضع الأبكار. قال: والأشبه أن تكون بكر منوّنة، وقد أبدلت نون من ميما؛ لأن النون الساكنة إذا كان بعدها باء قلبت في اللفظ ميما نحو عنبر ومنبر، ويكون التقدير ومن زنى من بكر. وقوله فاصقعوه هو بالصاد المهملة والقاف أي اضربوه، وأصل الصّقع الضرب على الرأس، وقيل الضرب ببطن الكف.
وقوله: واستوفضوه هو بالفاء والضاد المعجمة أي انفوه، أخذا من قولهم:
استوفضت الإبل إذا تفرّقت [في رعيها] وقوله: فضرّجوه- بالضاد المعجمة والجيم أي أدموه بالضرب، ويطلق الضّرج على الشّق أيضا. والأضاميم بالضاد المعجمة الحجارة واحدها إضمامة، والمراد ارجموه بالحجارة. والتوصيم بالصاد المهملة الفترة والتّواني، أي لا تفتروا في إقامة الحدود ولا تتوانوا فيها.
وقوله: ولا غمّة في فرائض الله- أصل الغمّة السّتر، أي لا تستر فرائض الله ولا تخفى، بل تظهر ويجهر بها وتعلن. وقوله: يترفّل- أي يسود ويترأس، استعارة من ترفيل الثوب وهو إسباغه وإرساله؛ والأقيال الملوك وقد تقدّم الكلام عليه.
[الأسلوب الثاني (أن تفتتح المكاتبة بلفظ «هذا كتاب» ويذكر المقصد فيما بعد، وهو قليل الوقوع في المكاتبات)]
ومن ذلك كتابه صلّى الله عليه وسلّم لقبيلة همدان من اليمن، فيما ذكره ابن هشام وهو:
«هذا كتاب من محمد رسول الله لمخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف الرّمل، مع وافدها ذي المشعار، «١» لمالك «٢» بن نمط ولمن أسلم من قومه، على أنّ