[الفصل الثالث من الباب الثالث من المقالة الثانية في المملكة الحجازية، وفيه سبعة أطراف]
الطّرف الأوّل في فضل الحجاز وخواصّه وعجائبه
أما فضله ففي «صحيح مسلم» من حديث جابر بن عبد الله الأنصاريّ رضي الله عنه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «غلظ القلوب والجفاء في المشرق، والإيمان في أهل الحجاز» .
قلت: وفي ذلك دليل صريح لفضل الحجاز نفسه، وذلك أن هواء كل بلد يؤثّر في أهله بحسب ما يقتضيه الهواء، ولذلك تجد لأهل كل بلد صفات وأحوالا تخصهم، وقد أخبر صلّى الله عليه وسلّم عن أهل الحجاز بالرقّة كما أخبر عن أهل المشرق بالغلظة والجفاء؛ وناهيك بفضل الحجاز وشرفه أن به مهبط الوحي ومنبع الرسالة، وبه مكة والمدينة اللتين هما أشرف بلاد الله تعالى وأجلّ بقاع الأرض، ولكل منهما فضل يخصه يأتي الكلام عليه عند ذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأما خواصه فيختص من جهة الشرع بأمرين:
أحدهما- أنه لا يستوطنه مشرك من ذمّي ولا معاهد، وإن دخله لم يمكّن من الإقامة في موضع منه أكثر من ثلاثة أيام ثم يصرف إلى غيره، فإن أقام بموضع أكثر من ثلاثة أيام، عزّر إن لم يكن له عذر. قال أصحابنا الشافعية: ولو عقد الإمام عقدا لكافر على الإقامة بالحجاز على مسمّى بطل العقد ووجب المسمّى.