يكنّى به، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الولد ذكرا أو أنثى، فيجوز تكنية الرجل بأبي فلانة كما يجوز بأبي فلان. فقد تكنّى جماعة من أفاضل السّلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم بأبي فلانة، فمن الصحابة أبو ليلى: والد عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو فاطمة الليثيّ، وأبو مريم الأزديّ، وأبو رقيّة تميم الداريّ، وأبو زرعة المقداد بن معدى كرب. ومن التابعين أبو عائشة مسروق بن الأجدع وخلائق لا يحصون. وإن كان له أولاد يكنّى بأكبرهم: فقد كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكنّى بأبي القاسم، وكان القاسم أكبر بنيه.
وفي سنن أبي داود والنّسائيّ عن شريح الحارثيّ أنه وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع قومه فسمعهم يكنّونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّ الله هو الحكم وإليه الحكم! فلم تكنّى أبا الحكم؟ - فقال: إنّ قومي اختلفوا في شيء فأتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين- فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أحسن هذا! فما لك من الولد؟ - قال: شريح، ومسلم، وعبد الله- قال: فمن أكبرهم؟ - قال- شريح- قال: فأنت أبو شريح» .
فلو تكنّى بغير أولاده فلا بأس به قاله النوويّ. ثم قال: وهذا الباب واسع لا يحصى من يتّصف به.
وقد اختلف في جواز التكنّي بأبي القاسم: فنص الشافعيّ رضي الله عنه على أنّه لا يجوز التكنّي بذلك مطلقا، لما ورد أنه صلّى الله عليه وسلّم قال «تسمّوا باسمى ولا تكتنوا بكنيتي» . وذهب ذاهبون إلى تخصيص ذلك بحياته صلّى الله عليه وسلّم احتجاجا بأن المنع فيه كان لعلّة: وهي أن اليهود كانوا ينادون يا أبا القاسم! فإذا التفت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالوا:
لم نعنك، قصدا لإيذائه صلّى الله عليه وسلّم وقد زالت هذه العلّة بوفاته صلّى الله عليه وسلّم، واختاره النوويّ من أصحابنا الشافعية. وذهب آخرون إلى تخصيص المنع بما إذا جمع لواحد بين الاسم والكنية، بأن يتسمّى محمدا ويتكنّى بأبي القاسم، بخلاف ما إذا لم يكن اسمه محمدا فإنه يجوز، وهو وجه قويّ.
الحال الثاني- أن لا يكون للرجل ولد بأن لم يولد له ولد أصلا