قال في «مسالك الأبصار» : وإذا استخرج الزّمرّد من المعدن جعل في زيت الكتّان ثم لفّ في قطن وصرّ في خرقة كتّان ونحوها؛ ولم يزل العمل في هذا المعدن إلى أثناء الدّولة الناصرية محمد بن قلاوون فترك لكثرة كلفته.
وأفضل أنواعه وأشرفها: الذبابيّ، ويزداد حسنه بكبر الجرم واستواء القصبة، وعدم الاعوجاج فيها. ومن عيوب الذبابيّ: اختلاف الصّبغ بحيث يكون موضع منه مخالفا للموضع الآخر، وعدم الاستواء في الشكل، والتشعير، وهو شبه شقوق خفية إلا أنه لا يكاد يخلو منه، والرّخاوة، وخفة الوزن، وشدة الملاسة والصّقال والنّعومة، وزيادة الخضرة والمائية إذا ركب على البطانة، وهو ينحل بالنار ويتكلس فيها ولا يثبت ثبات الياقوت.
ومن خاصّيّة الذبابيّ التي امتاز بها عن سائر الأحجار: أن الأفاعيّ إذا نظرت إليه ووقع بصرها عليه انفقأت عيونها؛ قال التيفاشي: وقد جربت ذلك في قطعة زمرّد ذبابيّ خالص فحصّلت أفعى وجعلتها في طشت وألصقته بشمع في رأس سهم وقرّبته من عينها فسمعت قعقعة خفية كما في قتل صؤابة «١» ، فنظرت إلى عينيها فإذا هما قد برزتا على وجهها وضعفت حركتها؛ وبهذه الخاصّة يمتحن الزّمرّد الخالص من غيره كما يمتحن الياقوت بالصّبر على النار.
ومن منافعه: أن من أدمن نظره أذهب عن بصره الكلال؛ ومن تختم به دفع عنه داء الصّرع إذا كان قد لبسه قبل ذلك؛ ومن أجل ذلك كانت الملوك تعلقه على أولادها؛ وإذا كان في موضع لم تقر به ذوات السموم؛ وإذا سحل منه وزن ثمان شعيرات وسقيته شارب السمّ قبل أن يعمل السم فيه، خلصته منه؛ وإذا تختم به نفث الدم أو إسهاله منع من ذلك؛ وإذا علّق على المعدة من خارج نفع من وجعها؛ وشرب حكاكته ينفع من الجذام.