فمن دونهم ممن جرت العادة بمكاتبته من الأبواب السلطانية في الابتداء والجواب.
[المأخذ الثاني (في معرفة أوضاع هذه المكاتبات)]
أوّل ما يجب من ذلك معرفة قطع الورق الذي يكتب فيه. وقد سبق في المقالة الثالثة في الكلام على قطع الورق بيان مقادير قطعه، وأنّ من جملتها قطع العادة: وهو القطع الصغير. وفي هذا القطع تكتب عامّة المكاتبات المتقدّمة، مما يكتب به لأرباب السّيوف والأقلام بمصر والشام على اختلاف مقاديرهم، وتباين مراتبهم في الرّفعة والضّعة؛ خلا ما تقدّم ذكره: من أنه كتب إلى والدة السلطان الأشرف «شعبان بن حسين» في قطع الشاميّ الكامل. وقد تقدّم هناك أنّ الكتابة في قطع العادة جملة تكون بقلم الرّقاع. فتكون كتابة جميع هذه المكاتبات به.
ثم أوّل ما يكتب الكاتب في المكاتبة التعريف بالمكتوب إليه: وهو أن يكتب في رأس الدّرج، من وجه الوصل، من أوّله، من الجانب الأيمن «إلى فلان» .
ويكتب على سمته في الجانب الأيسر «بسبب كذا وكذا» . ويكتب في وسطهما على سمتهما التعريف بالعلامة التي تكتب. فإن كانت العلامة الاسم، كتب «الاسم الشريف» . وإن كانت بالأخوّة، كتب «أخوه» . وإن كانت بالوالدية، كتب «والده» . ثم يقلب الدّرج فيكتب على ظاهره عنوان المكاتبة في أسفل ما كتب عليه في رأس الورق باطنا من أوّل عرض الدّرج إلى آخر ألقاب المكتوب إليه. ويقلب الدعاء المبتدأ به في المكاتبة، فيدعو له به في آخر الألقاب. ثم يخلي بياضا ويكتب تعريف المكتوب إليه: من نيابة سلطنة أو ولاية أو اسم أو غير ذلك وتكون الأسطر متقاربة متلاصقة.
فإن كان المكتوب إليه النائب الكافل مثلا، كتب في العنوان:«المقرّ، الكريم، العالي الأميريّ، الكبيريّ» إلى آخر ألقابه. فإذا انتهى إلى آخر الألقاب، كتب «أعز الله تعالى أنصاره» . ثم يترك بياضا ويكتب:«كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى» بحيث ينتهي آخر كتابة ذلك إلى آخر السطر.