يكمّل نشاطنا، ويتمّم انبساطنا، فليعقر همومنا بشيء من عقاره، وينظم [جمعنا] في سلك أياديه ومبارّه، إن شاء الله تعالى.
النوع الرابع (الشّفاعات والعنايات)
قال في «موادّ «١» البيان» : وهذه الكتب إنما تصدر عن ذوي الرّتب والأخطار، والمنازل والأقدار، الذين يتوسّل بجاههم إلى نيل المطلوب ودرك الرغائب.
قال: والملتمس فيها ممن تنفّذ إليه أحد ثلاثة أنواع؛ إمّا بذل ماله ولا يبذل ماله إلّا ذو مروءة يفرض على نفسه حقّا فيه لقاصديه، وإما بذل جاهه وفي بذل الجاه إراقة ماء الوجه والتعرّض لموقف الرّدّ، وإمّا الاستنزال عن سخيمة وموجدة في النزول عنهما كفّ حدّ الغضب وغضّ طرف الحنق، وهما صعبان إلّا على من فضل حلمه، ولطف فهمه.
ثم قال: والكاتب يحتاج إلى التلطّف فيهما وإيداعهما من الخطاب ما يخرج به الشافع عن صورة المثقّل على المشفوع إليه بما كلّفه إيّاه، ويؤدّي إلى بلوغ غرض المشفوع له ونجاح مطلبه، ثم أتبع ذلك أن قال: وسبيل ما كان في استماحة المال، أن يبنى على الإبانة عن موقع الإفضال، وفضيلة النّوال، واغتنام فرص الاقتدار، في معونة الأحرار، وما جارى هذا- وسبيل ما كان منهما في طلب الانتفاع بالجاه أن يبنى على هزّ الأريحيّة لاصطناع الصّنائع، وتحمّل المشاقّ في تقليد المنن، وادّخار الفعل الحسن، واغتنام الأجر والشّكر- وسبيل ما كان منهما في الاستنزال عن السخائم أن يبنى على الملاطفة، والإشارة إلى فضيلة الحلم والصّفح عن الخاطيء، وما في ذلك من حسن السّمعة في العاجلة، ومتوفّر المثوبة في الآجلة، ونحو ذلك.