قد ذكر ابن سعيد: أن هذه البلاد كانت بيد اليونان، وهم بنو يونان بن علجان بن يافث بن نوح عليه السّلام من جملة ما بيدهم قبل أن يغلب عليهم الرّوم، ثم غلب عليها الرّوم بعد ذلك فيما غلبوهم عليه، واستمرت بأيديهم في مملكة صاحب القسطنطينيّة على ما سيأتي ذكره في الكلام على مملكة القسطنطينيّة فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وكان كلّ من ملك هذه البلاد التي شرقيّ الخليج القسطنطيني يسمّى (الدّمستق) بضم الدال المهملة وفتح الميم وسكون السين المهملة والتاء المثناة فوق وقاف في الآخر، وله ذكر في حروب الإسلام. قال في «العبر» : وكان ثغور المسلمين حينئذ من جهة الشام (ملطية) ومن جهة أذربيجان (أرمينية) إلى أن دخل بعض قرابة (طغرلبك) أحد ملوك السّلجوقيّة في عسكر إلى بلاد الروم هذه فلم يظفروا منها بشيء.
ثم دخلها بعد ذلك (مماني) أحد أمرائهم بعد الثلاثين وأربعمائة، ففتح وغنم وانتهى في بلادهم حتّى صار من القسطنطينيّة على خمس عشرة مرحلة، وبلغ سبيه مائة ألف رأس، والغنائم عشرة آلاف عجلة، والظّهر ما لا يحصى.
ثم فتح (قطلمش) بن إسرائيل بن سلجوق قونية، وأقصرا، وأعمالهما، ثم وقعت الفتنة بين قطلمش وبين (ألب أرسلان) السّلجوقيّ بعد طغرلبك، وقتل قطلمش في حربه في سنة ست وخمسين وأربعمائة.
وملك البلاد من بعده (ابنه سليمان) ثم كان بين سليمان ومسلم بن قريش صاحب الشأم حروب انهزم سليمان في بعضها وطعن نفسه بخنجر فمات في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وملك بعده ابنه (قليج أرسلان) تلك البلاد، ثم قتل قليج أرسلان في