قال في «مسالك الأبصار» : في جنوب الغرب بين مملكة برّ العدوة وبين بلاد مالّي وما معها من بلاد السّودان ثلاثة ملوك من البربر بيض مسلمون: وهم سلطان (أهير) وسلطان (دمونسة) وسلطان (تادمكة) كلّ واحد منهم ملك مستقلّ بنفسه لا يحكم أحد منهم على الآخر، وأكبرهم ملك (أهير) وزيّهم نحو زيّ المغاربة:
يلبسون الدّراريع إلا أنها أضيق، وعمائم بأحناك، وركوبهم الإبل، ولا خيل عندهم ولا للمرينيّ [عليهم حكم ولا لصاحب مالي]«١» ولا خبز عندهم، وعيشهم عيش أهل البرّ من اللحم واللّبن، أما الحبوب عندهم فقليلة، وهم في قلّة أقوات.
ونقل عن الشيخ عيسى الزواويّ أن لهم جبالا عامرة، كثيرة الفواكه. وذكر أن ما بأيدي الثلاثة تقدير نصف ما لملك مالّي من ملوك السّودان أو أرجح بقليل، ولكن صاحب مالّي أكثر في تحصيل الأموال لاستيلائه على بلاد الذهب وما يباع بمملكته من السّلع، وما يغنمه في الغزوات من بلاد الكفّار لمجاورته لهم بخلاف هؤلاء فإنه ليس لهم يد تمتدّ إلى كسب، بل غالب أرزاقهم من دوابّهم. ثم قال:
ودون هؤلاء فيما بينهم وبين مرّاكش من بلاد المغرب جبال المصامدة، وهم خلق لا يعدّ، وأمم لا تحصى، وهم يفتخرون بالشجاعة والكرم.
ثم ذكر أنهم كانوا لا يدينون لسلطان إلا أنهم دانوا للسلطان أبي الحسن المرينيّ ودخلوا تحت ذيل طاعته، على أنهم لا يملّكون أحدا قيادهم، ولا يسلّمون إليه بلادهم. وبكل حال فهم معه بين صحّة واعتلال.