جند فلسطين واقعة في الإقليم الثالث شرقا بشمال عن الرملة، وبينهما ثلاثة فراسخ، ولم يتحرّر لي طولها وعرضها، غير أنها نحو الرّملة في ذلك: لقربها منها أو أطول وأعرض بقليل. وهي مدينة قديمة كانت هي قصبة فلسطين في الزمن الأول إلى أن بنيت الرّملة فتحوّل الناس إليها وتركوا لدّا، وقد ثبت في الصحيح أن المسيح عليه السلام يقتل الدّجّال ببابها.
الرابع- (عمل قاقون) - بفتح القاف وبعدها ألف ثم قاف ثانية مضمومة- وهي مدينة لطيفة غير مسوّرة، بها جامع وحمّام وقلعة لطيفة، وشربها من ماء الآبار، ولم يتحرّر لي طولها وعرضها، إلا أن بينها وبين لدّ مسيرة يوم فلتعتبر بها بالتقريب.
الجهة الثانية الجبليّة، وبها ثلاثة أعمال
الأول- (عمل القدس) . والقدس بضم القاف والدال لفظ غلب على مدينة بيت المقدس- بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال المهملة- وهو المسجد الأقصى، وأصل التقديس التطهير، والمراد المطهّر من الأدناس. وهي مدينة من جند فلسطين واقعة في الإقليم الثالث. قال في «الأطوال» : طولها ست وخمسون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة.
قال في «تقويم البلدان» : والقياس أن طولها سبع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها ثلاثون درجة. وهي مبنية على جبل مستدير، وعرة المسلك؛ وبناؤها بالحجر والكلس؛ وغالب حجرها أسود؛ وشرب أهلها من ماء المطر المجتمع بصهاريج المسجد الأقصى وعين تجري إليها عن بعد، وكذلك عين سلوان وليس ماؤها بالكثير، وكان بها آثار قلعة قديمة خربت فجدّدها الناصر «محمد بن قلاوون» في سنة ستّ عشرة وسبعمائة، وليس بها حصانة، وكانت المدينة كلّها قد غلب عليها الخراب من حين استيلاء الفرنج عليها، ثم تراجع أمرها للعمارة، وصارت في نهاية الحسن، بها المدارس والرّبط والحمّامات