وكانوا قد استولوا على مكة وسائر الحجاز، وكانت قاعدة ملكهم تيماء، وكان آخر ملوكهم الأرقم بن أبي الأرقم.
[الطبقة الثالثة ملوكها من بني إسرائيل ومن انضم إليهم من الأوس والخزرج]
قال في «الروض المعطار» : لما ظهر موسى عليه السلام على فرعون، بعث بعثا من بني إسرائيل إلى الحجاز وأمرهم أن لا يستبقوا منها «١» أحدا بلغ الحلم، فقتلوهم حتّى انتهوا إلى ملكهم الأرقم بتيماء فقتلوه وأبقوا له ابنا «٢» صغيرا ليرى موسى عليه السلام فيه رأيه. فلما رجعوا به إلى الشأم وجدوا موسى عليه السلام قد توفّي، فقال لهم الناس: عصيتم وخالفتم أمر نبيكم؛ وحالوا بينهم وبين الشام، فقال بعضهم لبعض: خير من بلدكم البلد الذي خرجتم منه، فعادوا إلى الحجاز فنزلوه، فكان ذلك أول سكنى اليهود الحجاز، فنزل جمهور هم بمكان يقال له يثرب بمجتمع السيول واتخذوا الآطام والمنازل، ونزل معهم جماعة من أحياء العرب من بليّ وجهينة.
وكانت يثرب أمّ قرى المدينة وهي ما بين طرف قباء إلى الجرف؛ ثم لما كان من سيل العرم باليمن ما كان، تفرّق أهل مأرب، فأتى الأوس والخزرج يثرب لليهود فحاربوهم، وكان آخر الأمر أن عقدوا بينهم وبينهم جوارا واشتركوا وتحالفوا، فلم يزالوا على ذلك زمانا طويلا، فصارت للأوس والخزرج ثروة ومال وعز جانبهم فخافهم اليهود، فقطعوا الحلف، وخافهم الأوس والخزرج فبعثوا إلى من لهم بالشام فأعانوهم حتّى أذلوا اليهود وغلبوهم عليها، وبقيت بأيديهم حتّى جاء الإسلام وهاجر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إليها وهم رؤساؤها وحكّامها.