[الصنف السادس (من الكتب السلطانية، الكتب إلى من خلع الطاعة)]
قال في «موادّ البيان» : وهذه الكتب تختلف رسومها بحسب اختلاف أقدار المكاتبين وأحوالهم في الخروج عن الطاعة. قال: وجمع أوضاعها كلّها في قانون كلّيّ عسير المرام، إلّا أننا نرسم فيها رسوما يمكن الزيادة فيها والنقص منها.
ثم قال: والعادة أن تنفذ هذه الكتب إلى من ترجى إنابته، وتؤمل مراجعته. فأما من وقع الإياس من استصلاحه، ودعت الضرورة إلى كفاحه، فلا حاجة إلى معاتبته، ولا وجه لمكاتبته.
قال: والرسم فيها أن تفتتح بالتحميد المناسب لمعنى الكتاب، والصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بما يدعو إلى إيناسه، ويزيل أسباب استيحاشه، ويعود بثبات جاشه، ويبعثه على مراجعة فكره، ومعاودة النّظر في أمره، ويذكّره ما أسدي من العوارف إليه، وأفيض من النّعم عليه، وأنه لا ينفّر سربها بجحدها وكفرها، ويوحش ربعها بإهمال حمدها وشكرها، ويربطها بحسن الطاعة ويسترهنها بالتأدّب في التّباعة، ولا يجرّ الوبال إلى نفسه بالخروج عن العصمة، في عاجل ذميم الوصمة وفي آجل أليم النّقمة، ويبصّره بعاقبته ومن يليه من ذوي الجند بما يقتضي ربّ الإنعام لديهم، وإقرار الفضل عليهم، وأن يسلبهم ملبس الظّل الظليل، وأن يعطّلهم من حلي الرّأي الجميل، ويتدرّع في أثناء ذلك بشعار النّفاق، ويتّسم بميسم الشّقاق، ويتعجّل إزعاجه من داره، وبعده من قراره، وهدم ما شيّده الإخلاص من ذكره، وتقويض ما رفعته الطاعة من قدره، ويعود بعد أن كان مجاهدا عن الحوزة مجاهدا بمحتدّها، وبعد أن كان مراميا عن السّدّة مرميّا بيدّها، ويضيع ما أسدي إليه، وأفيض من الإحسان عليه، وما ذهب من اليقين في تدريجه إلى مراقي السيادة، ومن الرغائب في إلحاقه بأهل السعادة، ولا يغترّ بمن يزيّن له عاجل الآجل، ويتقرّب إليه بخدع الباطل، ويجعل أقوالهم دبر سمعه، ويبعد أشخاصهم عن نظره، ناظرا في عاقبته، وحارسا مهجته، وراغبا في حقن دمه، وصيانة حرمه، وليرجع إلى الفناء الذي لم يزل يحرزه، والكنف الذي لم يزل