قلت: وقد غلب على الكتّاب في زماننا من أهل الإنشاء وكتّاب الأموال اتخاذ الدّويّ من النّحاس الأصفر، والفولاذ، وتغالوا في أثمانها وبالغوا في تحسينها. والنّحاس أكثر استعمالا، والفولاذ أقلّ لعزّته ونفاسته، واختصاصه بأعلى درجات الرياسة كالوزارة وما ضاهاها.
وأمّا دويّ الخشب فقد رفضت وتركت إلا الآبنوس والصّندل الأحمر، فإنه يتعاناه في زماننا قضاة الحكم وموقّعوهم وبعض شهود الدواوين.
وأمّا التحلية، فقال الحسن بن وهب «١» : سبيل الدّواة أن يكون عليها من الحلية أخفّ ما يكون ويمكن أن تحلّى به الدّويّ، وفي وثاقة ولطف، ليأمن من أن تنكسر أو تنقصم في مجلسه، قال: وحق الحلية أن تكون ساذجة بغير حفر ولا ثنيات فيها ليأمن من مسارعة القذى والدّنس إليها. ولا يكون عليها نقش ولا صورة. وحقّ هذه الحلية مع ما ذكره ابن وهب أن تكون من النحاس ونحوه دون الفضّة والذهب. على أن بعض الكتّاب في زماننا قد اعتاد التحلية بالفضة، ولا يخفى أنّ حكم ذلك حكم الضبة في الإناء فتحرم مع الكبر والزينة، وتكره مع الصغر والزينة والكبر والحاجة، وتباح مع الصغر والحاجة من كسر ونحوه، كما قرّره أصحابنا الشافعية رحمهم الله، نعم يحرم التكفيت بالذهب والفضة، وكذلك التمويه إذا كان يحصل منه بالعرض على النار شيء، والله أعلم.
[الجملة الرابعة في قدرها وصفتها]
قال الحسن بن وهب: سبيل الدواة أن تكون متوسطة في قدرها، لا بالقصيرة فتقصر أقلامها وتقبح، ولا بالكثيفة فيثقل محملها وتعجف. فلا بدّ لصاحبها أن يحملها ويضعها بين يدي ملكه أو أميره في أوقات مخصوصة، ولا يحسن أن يتولّى ذلك غيره. قال الفضل: ويكون طولها بمقدار عظم الذراع أو