فيها على الأموال مآتم، والجود في أيديكم خاتم، ونفس حاتم في نقش ذلك الخاتم» .
فهذا هو السّحر الحلال، والمعاني التي تخضع لها شمّ الجبال، ولا يقال فيه قيل ولا قال.
[الصنف الثاني ما كان مستقيما قبيحا كقولك قد زيدا رأيت]
قال في «الصناعتين» : وإنما قبح لأنك أفسدت نظام اللفظ بالتقديم والتأخير. وهذا النوع يسميه علماء المعاني: التعقيد. وسماه ابن الأثير في «المثل السائر» المعاظلة «١» المعنوية، وهو تقديم ما الأولى به التأخير، كتقديم الصفة أو ما يتعلّق بها على الموصوف، وتقديم الصّلة على الموصول ونحو ذلك؛ وهو من المذموم المرفوض عند أهل الصنعة، لأن المعنى يختلّ به ويضطرب. قال في «المثل السائر» : وهو ضدّ الفصاحة، لأن الفصاحة هي الظّهور والبيان، وهذا عار عن هذا الوصف؛ فمن ذلك قول بعضهم:
فأصبحت بعد خطّ بهجتها ... كأن قفرا رسومها قلما
يريد فأصبحت بعد بهجتها قفرا كأنّ قلما خط رسومها فقدم خبر كأنّ وهو خطّ عليها فجاء مختلّا مضطربا، وأقبح منه وأكثر اختلالا قول الفرزدق:
إلى ملك ما أمّه من محارب ... أبوه، ولا كانت كليب تصاهره
يريد إلى ملك أبوه ما أمّه من محارب، والمعنى ما أم أبيه من محارب، يمدحه بذلك ذمّا لمحارب. وكذلك قوله، يمدح خال «٢» هشام بن عبد الملك: