قلاوون السلطنة، فأحدث الشاش عليها فجاءت في نهاية من الحسن، وصاروا يلبسونها فوق الذّوائب الشعر المرخاة على ما كان عليه الأمر أوّلا إلى أن حجّ السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سلطنته الثالثة «١» ، فحلق رأسه وحلق الناس رؤوسهم، واستداموا حلق رؤوسهم وتركت ذوائب الشعر إلى الآن.
ويتعلق القول من ذلك بعشرة مقاصد.
المقصد الأوّل في ذكر رسوم الملك وآلاته؛ وهو أنواع كثيرة، بعضها عامّ في الملوك أو أكثرهم، وبعضها خاصّ بهذه المملكة
منها:(سرير الملك) ويقال له تخت «٢» الملك. وهو من الأمور العامة للملوك، وقد تقدّم أن أوّل من اتخذ مرتبة للجلوس عليها في الإسلام معاوية رضي الله عنه حين بدّن «٣» ، ثم تنافس الخلفاء والملوك بعده في الإسلام في ذلك حتّى اتخذوا الأسرّة، وكانت أسرّة خلفاء بني العبّاس ببغداد يبلغ علوّها نحو سبعة أذرع. وهو في هذه المملكة منبر من رخام بصدر إيوان السلطان الذي يجلس فيه، وهو على هيئة منابر الجوامع إلا أنه مستند إلى الحائط، وهذا المنبر يجلس عليه السلطان في يوم مهمّ كقدوم رسل عليه ونحو ذلك؛ وفي سائر الأيام يجلس على كرسيّ من خشب مغشى بالحرير، إذا أرخى رجليه كادتا أن تلحقا الأرض، وفي داخل قصوره يجلس على كرسيّ صغير من حديد يحمل معه إلى حيث يجلس.
ومنها:(المقصورة) للصلاة في الجامع. وقد تقدّم في الكلام على ترتيب الخلافة أن أوّل من اتخذها في الإسلام معاوية، وقد صارت سنّة لملوك الإسلام بعد ذلك تمييزا للسلطان عن غيره من الرعية، وهي في هذه المملكة