[الصنف الثاني أسواق العرب المعروفة فيما قبل الإسلام]
قد كان للعرب أسواق يقيمونها في شهور السنة، وينتقلون من بعضها إلى بعض ويحضرها سائر قبائل العرب: ممن قرب منهم وبعد. فكانوا ينزلون دومة الجندل أوّل يوم من ربيع الأوّل، فيقيمون أسواقها بالبيع والشراء، والأخذ والعطاء؛ وكان يعشوهم فيها أكيدردومة- وهو ملكها- وربما غلب على السوق كلب، فيعشوهم بعض رؤساء كلب فيقوم سوقهم هناك إلى آخر الشهر. ثم ينتقلون إلى سوق هجر من البحرين في شهر ربيع الآخر، فتكون أسواقهم بها، وكان يعشوهم في هذا السوق المنذر بن ساوى أحد بني عبد الله بن دارم- وهو ملك البحرين. ثم يترحلون نحو عمان من البحرين أيضا فتقوم سوقهم بها. ثم يرتحلون فينزلون إرم وقرى الشّحر من اليمن فتقوم أسواقهم بها أياما. ثم يرتحلون فينزلون عدن من اليمن أيضا فيشترون منه اللّطائم «١» وأنواع الطيب. ثم يرتحلون فينزلون حضر موت من بلاد اليمن، ومنهم من يجوزها فيرد صنعاء فتقوم أسواقهم بها ويجلبون منها الخرز والأدم والبرود، وكانت تجلب إليها من معافر «٢» . ثم يرتحلون إلى عكاظ في الأشهر الحرم، فتقوم أسواقهم ويتناشدون الأشعار، ويتحاجّون، ومن له أسير سعى في فدائه، ومن له حكومة ارتفع إلى من له الحكومة، وكان الذي يقوم بأمر الحكومة فيها من بني تميم، وكان آخر من قام بها منهم الأقرع بن حابس التميميّ. ثم يقفون بعرفة ويقضون مناسك الحج. ثم يرجعون إلى أوطانهم قد حصلوا على الغنيمة، وآبوا بالسلامة.