المبتدي، ولا يغفل عن تذكير المنتهى: فإنه إذا احتمل هذه المشقّة، وأعطى كلّ تلميذ حقّه، كان الله تعالى كفيلا بمعونته، بحسب ما يعلم من حرصه عليهم وإخلاص نيّته. وليكن بسائر المتفقّهة معتنيا رفيقا، وعليهم حدبا شفيقا، يفرّع لهم من الفقه ما وضح وتسهّل، ويبيّن لهم ما التبس من غوامضه وأشكل، حتّى تستنير قلوبهم بأضواء علوم الدين، وتنطق «١» ألسنتهم فيها باللفظ الفصيح المبين، وتظهر آثار بركاته في مراشده وتبين؛ ولتتوفّر همّته في عمارة الوقوف واستنمائها، والتوفّر على كلّ ما عاد بتزايدها وزكائها، بحيث يتّضح مكان نظره فيها، ويبلغ الغاية الموفية على من تقدّمه ويوفيها، ولا يستعين إلّا بمن يؤدّي الأمانة ويوفّيها، ويقوم بشرائط الاستحفاظ ويكفيها؛ وهو- أدام الله رفعته- يجري من عوائد المدرّسين والمتولّين قبله على أوفى معهود، ويسامي به «٢» إلى أبعد مرتقى ومقام محمود، وأذن له في تناول إيجاب التدريس ونظر الوقوف المذكورة؛ أسوة من تقدّمه في التدريس والنظر في الوقوف «٣» ، على ما شرط الواقف في كل ورد وصدر، واعتماد كل ما حدّه في ذلك ومثّله من غير تجاوز.
[النوع الرابع]
(مما كان يكتب من ديوان الخلافة ببغداد ما كان يكتب لزعماء أهل الذّمّة) وطريقهم فيه أن يفتتح بلفظ: «هذا كتاب أمر بكتبه فلان أبو فلان الإمام الفلانيّ أمير المؤمنين لفلان» ثم يقال: «أما بعد فالحمد لله» ويؤتى فيه بتحميدة أو ثلاث تحميدات إن قصد المبالغة في قهر أهل الذمّة بدخولهم تحت ذمة الإسلام وانقيادهم إليه، ثم يذكر نظر الخليفة في صالح الرعيّة حتّى أهل الذمة، وأنه أنهي إليه حال فلان وسئل في توليته على طائفته فوّلاه عليهم للميزة على غيره من أبناء طائفته ونحو ذلك؛ ثم يوصيه بما يناسبه من الوصايا.