الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها
، ومذاهب الكتّاب في ذلك في القديم والحديث، وأصله؛ وفيه طرفان)
الطرف الأوّل (في أصله)
اعلم أنّ هذا النوع فرع ألحقه الكتّاب بالنوع السابق، وإلا فالمسلم آمن بقضيّة الشّرع بمجرّد إسلامه، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم:«أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقّها» . وإنما جرت عادة الملوك بكتابة الأمان لكلّ من خاف سطوتهم، لا سيّما من خرج عن الطّاعة، وخيف استشراء الفساد باستمرار خروجه عن الطاعة خوفا، حتّى صار ذلك هو أغلب ما يكتب من دواوين الإنشاء.
وقد ورد في السّنّة ما يدلّ لذلك «١» ، وهو ما رواه أبو عبيد في «كتاب الأموال» عن أبي العلاء بن عبد الله بن الشّخّير أنه قال: كنا بالمربد ومعنا مطرّف إذ أتانا أعرابيّ ومعه قطعة أديم، فقال: أفيكم من يقرأ؟ قلنا: نعم، فأعطانا الأديم فإذا فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم» «من محمد رسول الله لبني زهير بن أقيش من عكل. إنّكم إن شهدتم أن