ليبلغ عذرا أو ينال رغيبة ... ومبلغ نفس عذرها مثل منجح
فعروة جعل اجتهاده في طلب الرزق عذرا يقوم مقام النجاح، وأبو تمّام جعل الموت في الحرب الذي هو غاية اجتهاد المجتهد في لقاء العدوّ قائما مقام الانتصار؛ قال في «المثل السائر» : وكلا المعنيين واحد، غير أن اللفظ مختلف.
وأظهر من ذلك أخذا قول القائل:
وقد عزّى ربيعة أن يوما ... عليها مثل يومك لا يعود
أخذه من قول ابن المقفّع في باب المراثي من الحماسة:
وقد جرّ نفعا فقدنا لك أننا ... أمنّا على كلّ الرّزايا من الجزع
على أنه ربما وقع للمتأخر معنى سبقه إليه من تقدّمه من غير أن يلمّ به المتأخر ولم يسمعه؛ ولا استبعاد في ذلك كما يستبعد اتفاق اللفظ والمعنى جميعا.
قال أبو هلال العسكريّ: وهذا أمر قد عرفته من نفسي فلا أمتري فيه، وذلك أني كنت عملت شيئا في صفة النساء فقلت:
سفرن بدورا وانتقبن أهلّة
وظننت أني لم أسبق إلى جمع هذين التشبيهين حتّى وجدت ذلك بعينه لبعض البغداديين فكثر تعجبي، وعزمت على ألّا أحكم على المتأخر بالسرقة من المتقدّم حكما حتما.
إذا تقرر ذلك فسرقة المعنى المجرّد عن اللفظ لا تخرج عن اثني عشر «١» ضربا.
الضرب الأوّل أن يؤخذ المعنى ويستخرج منه ما يشبهه ولا يكون هو إيّاه