الضرب الرابع (من المكاتبات السّلطانية ما يكتب عن النّوّاب والأتباع إلى الخليفة أو السلطان، وفيه مهيعان)
المهيع الأوّل (في الأجوبة عن الكتب السلطانية السابقة في الضّرب الأوّل)
قد تقدّم في الكلام على مقدّمة المكاتبات في أوّل هذه المقالة ذكر الخلاف: هل الكتب الابتدائية [أعلى رتبة]«١» في الإتيان بها أم الجوابية؟ وذكر الاحتجاج لكلّ من المذهبين، وذكر التحقيق في ذلك، فليراجع من موضعه هناك. ونحن نذكر الكلام على أجوبة الكتب السابقة على الترتيب المتقدّم، جارين في ذلك على ما قرّره في «موادّ البيان» .
فأما الجواب عن الكتاب الوارد بانتقال الخلافة إلى الخليفة، فإنّ الكتاب إن كان متضمنا التعزية في سلفه، والهناء بمتجدّد النعمة عنده في انتقال الخلافة إليه فالرّسم فيما يكاتب به عن الخليفة أن يبنى على الاستبشار بالنّعمة في خلافته، والمسارعة بإخلاص الضمير إلى الدّخول في طاعته وبيعته، وانفساح الآمال في دولته، والشّكر لله تعالى على جبر الوهن وعلوّ كلمة الإسلام والمسلمين بدعوته، وتعزيته عن أبيه، بما يوجبه محلّ المحنة ويقتضيه، يعني إن كان الخليفة الميّت أباه، فالدعاء له بأن ينهضه الله تعالى بما حمّله، ويعينه على ما كفّله، ويقرن ملكه بالجدّ السعيد، والخلود والتأييد، وإدالة الأولياء، وإذالة الأعداء، ونحو هذا مما يجاريه.
وإن كان الكتاب الوارد بانتقال الخلافة إليه عن أبيه، ومن في معناه ممّن يواليه في المحبّة، فإن الكاتب يحوم في الجواب على ما حصل بذلك من صلاح حال الأمّة، واستقامة أمر الرّعيّه بانتقال الخلافة إليه، من غير أن يصرّح بذمّ