هذا عهد أمير المؤمنين إليك، وإنعامه عليك؛ فتلقّه من الشّكر بما يكون للمزيد سببا مؤكّدا، ويغدو الإحسان معه مردّدا مجدّدا، وابذل جهدك فيما أرضى الله وأرضى إمام العصر، وثابر على الأعمال التي تناسب فضائلك المتجاوزة حدّ الحصر؛ والله يعضّدك بالتوفيق، ويمهّد لك إلى السعادة أسهل طريق، ويرهف في الحرب عزائمك، ويمضي في الأعداء صوارمك، ويضاعف لك موادّ النصر والتأييد، ويخصّ بناء مجدك بالإعلاء والتشييد؛ إن شاء الله. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قلت: والذي يظهر أن مما كان يكتب في دولتهم على هذه الطريق سجلّات كبار نياباتهم، حال استفحال الدولة في مباديء أمرها، قبل خروج البلاد الشاسعة عنها واستقلاعها من أيديهم: كدمشق ومضافاتها من البلاد الشامية قبل خروجها عنهم لبني أرتق في زمن المستنصر أحد خلفائهم، وكأفريقية وما معها من بلاد الغرب قبل تغلّب المعزّ بن باديس نائب المستنصر المتقدّم ذكره بها وقطع الخطبة له، وكجزيرة صقلّيّة من جزائر البحر الرّوميّ قبل تغلّب رجّار أحد ملوك الفرنج عليها وانتزاعها من أيديهم في زمن المستنصر المذكور أيضا؛ فإنّ دمشق وأفريقية وصقلّيّة كانت من أعظم نياباتهم، وأجلّ ولاياتهم، فلا يبعد أن تكون في كتابة السّجلّات عندهم من هذه الطبقة.
[المرتبة الثانية]
(من المذهب الأوّل من سجلّات ولايات الفاطميين أن يفتتح السّجلّ بالتصدير، فيقال:«من عبد الله ووليّه» إلى آخر التصلية، ثم يؤتى بالتحميد مرة واحدة ويؤتى في الباقي بنسبة ما تقدّم، إلا أنه يكون أخصر مما يؤتى به مع التحميدات الثلاث) ثم هي إما لأرباب السّيوف أو لأرباب الأقلام من أرباب الوظائف الدّينية والوظائف الدّيوانية.
فأما السّجلّات المكتتبة لأرباب السّيوف، فمن ذلك نسخة سجلّ بولاية