نومة لا ينتبهون بها من كراهم، حتّى يتأدّب بهم كلّ من أغرض، ويتداوى بمداواته كلّ من في قلبه مرض. وما أشكل عليك فاسترشد فيه بمطالعة أبوابنا الشريفة: لتجد هدى واضحا، وحقّا لائحا؛ والله تعالى يجعلك من الممهدين لأرضه، القائمين في أنواع الجهاد بفرضه؛ والاعتماد على الخط الشريف أعلاه.
[الجهة الثالثة (درب الحجاز الشريف)]
وقد تقدّم أنه كان في الزمن المتقدّم يكتب عن السلطان تقليد لأمير الرّكب «١» في الدولة الفاطمية وما تلاها. أما الآن فقد ترك ذلك ورفض كما رفض غيره من الكتابة لأرباب السّيوف بالحضرة السلطانية، ولم يبق الآن من يكتب له من ديوان الإنشاء شيء سوى قاضي الرّكب. وقد جرت العادة أن يكتب له توقيع في قطع العادة مفتتحا ب «رسم» .
وهذه نسخة توقيع من ذلك، كتب به للشيخ «تقيّ الدين السبكيّ»«٢» رحمه الله في مبدإ أمره، وهي:
رسم بالأمر الشريف- لا زال يعين على البرّ والتّقوى، ويرتاد لوفد الله من يتمسّك في نشر الأحكام الشرعية بينهم بالسبيل الأقوم والسبب الأقوى- أن يستقرّ فلان في كذا: لما اختصّ به من غزارة علومه، وإفاضة فضائله المتنوعة إلى قوّته في الحق وتصميمه؛ فإنّ مثله من يختار لهذه الوظيفة الجارية بين وفد الله الذين هم أحقّ ببراءة الذّمم، وأولى بمعرفة حكم الله تعالى فيما يجب على المتلبّس بالإحرام والداخل إلى الحرم، وأحوج إلى الاطلاع على جزاء الصيد