للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين يرجو أن ينفعكم الله بهدايته، ويشفي صدوركم بموعظته، ويرشدكم إلى ما يفضي بكم إلى الكفاية والحماية. فليعلم فلان بن فلان ذلك من أمير المؤمنين ورسمه، وليعمل عليه بجملته، إن شاء الله تعالى.

الصنف الحادي عشر (الكتب في النّهي عن التّنازع في الدّين)

قال في «موادّ البيان» : من أهمّ ما صرف إليه السلطان تفقّده، ووقف عليه [تعهّده] أمر الرعايا في أعماله، وتنفيذ الكتب إليهم بالنّهي عن التنازع في الدين، وحسم أسباب المجادلة والمراء، والتّحذير من اتّباع البدع والأهواء، والإخلاد إلى مضلّ النّحل والآراء؛ لأنه متى فسّح لهم في هذا الباب صاروا شيعا متباينين، وفرقا متحاربين، وانشقّت عصاهم، وانقضت حيلهم، وخرجوا عن أحكام أهل السلامة إلى أحكام أهل الفتنة، وعاد ضرر ذلك على الدّين والسّلطان. ولهذا صرف إليه السّاسة الحزمة من الملوك الاهتمام، ولم يبخلوا بحسم مادّته على تغاير الأيام.

ثم قال: والرسم فيها أن تصدّر بحمد الله تعالى على نعمه في تأليف كلمة أهل الإسلام، وما منّ به عليهم من الاتفاق والالتئام، وشكره على موهبته في نزع الغلّ من صدورهم، والتأليف بين قلوبهم، وتصييرهم إخوانا متصافين، وخلّانا متوافين، وعونهم بما وفّقهم له من إظهارهم على من شقّ عصاهم، وإقدارهم بما منحهم من الألفة على مراماة من راماهم، والصّلاة على سيدنا محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم. ثم يشفع هذا بأن أمير المؤمنين بما مكّنه الله تعالى من مراضيه، ووفّقه له من القيام بفرضه، والنّهوض بحقوق طاعته، والعمل بكتابه وسنّته، ورغبته في الخير العام وشمول الصّلاح لكافّة الأنام- لا يزال يحضّ رعيّته على ما يقضي بسداد دنياهم، وحسن المنقلب في أخراهم، ويرى أن أنفع ذلك عائدة، وأجزله فائدة، ما رفع عنهم أسباب التّنافر، ودعاهم إلى التّعاضد والتّظافر، وحال بينهم وبين الخوض في محدث النّحل والآراء، والإصغاء إلى مضلّ البدع

<<  <  ج: ص:  >  >>