صاحب جزيرة صقلّية صار يغزو القسطنطينيّة بأساطيله ويأخذ ما يجد في ميناها من سفن التّجّار وشواني المدينة، وانتهى أمره أن جرجا بن ميخائيل صاحب أساطيله دخل إلى مينا القسطنطينية في سنة أربع وأربعين وخمسمائة ورمى قصر الملك بالسّهام، فكان ذلك أنكى على الروم من كلّ نكاية. ثم تزايد الحال إلى أن استولى الفرنج على القسطنطينيّة نفسها في آخر المائة السادسة، وأوقعوا بأهلها وفتكوا وخرّبوا على ما تقدّم بيانه في الكلام على ملوك القسطنطينية. وبالجملة فرومية اليوم من قواعد الفرنج، وهي مقرّ (بابهم) الذي هو خليفة النصارى الملكانية وإليه مرجعهم في التحليل والتحريم.
ولهذا الباب مكاتبة تخصّه عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية، كما سيأتي ذكره في الكلام على المكاتبات في المقالة الرابعة إن شاء الله تعالى.
[وأما الممالك الصغار فسبع ممالك:]
[الأولى (مملكة المرا)]
قال في «تقويم البلدان» : بفتح الميم والراء المهملة وألف. وهي مملكة تبتديء من الخليج القسطنطينيّ من الغرب على ساحل بحر الروم وتمتدّ مغرّبا [وتشتمل على قطعة من «١» ] ساحل بحر الروم وعلى بلاد وجبال خارجة عن البحر. قال: وهذه المملكة مناصفة بين صاحب قسطنطينيّة وبين جنس من الفرنج يقال لهم (القيتلان) بالقاف والياء الساكنة آخر الحروف والمثناة الفوقية ولام ألف ونون، ويقال (الكيتلان) بإبدال القاف كافا، وهذا هو الجاري على ألسنة الناس في النطق بهم.