عاملا لزبيدة «١» كتب إليها كتابا فوقّعت في ظهره «أن أصلح كتابك وإلّا صرفناك عن عملك» فتأمله فلم يظهر له فيه شيء، فعرضه على بعض إخوانه فرأى فيه في الدعاء لها: وأدام كرامتك، فقال:«إنها تخيّلت أنك دعوت عليها فإنّ كرامة النساء دفنهنّ» ، فغيّر ذلك وأعاد الكتاب إليها فقبلته؛ ومن كان هذا شأنه فكيف يقال إنه لم يؤهل للكتابة؟.
فالجواب أن حديث عائشة لم يصرّح فيه بأنها كتبت بنفسها ولعلها أمرت من يكتب فكتب كذلك بإملائها أو دونه، وإن ثبت ذلك عنها فغيرها لا يقاس عليها، ومن عداها من النساء لا عبرة به.
الصفة الثالثة، الحرّية
- فقد شرطوا في كاتب القاضي أن يكون حرّا:
لما في العبد من النقص، فلا يعتمد في كل القضايا، ولا يوثق به في كل الأحوال؛ فكاتب السلطان كذلك بل أولى كما تقدّم.
[الصفة الرابعة، التكليف]
- كما في كاتب القاضي فلا يعوّل على الصبيّ في الكتابة إذ لا وثوق به ولا اعتماد عليه.
[الصفة الخامسة، العدالة]
- فلا يجوز أن يكون الكاتب فاسقا فإنه بمنزلة كبيرة، ورتبة خطيرة، يحكم بها في أرواح الناس وأموالهم: لأنه لو زاد أدنى كلمة أو حذف أيسر حرف أو كتم شيئا قد علمه أو تأوّل لفظا بغير معناه أو حرّفه عن جهته، أدّى ذلك إلى ضرر من لا يستوجب الضرر، ونفع من يجب الإضرار به، وكان قد موّه على الملك حتى مدح المذموم وذمّ الممدوح.
فمتى لم يكن له دين يحجزه عن ارتكاب المآثم ويزعه عن احتقاب «٢»