للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيرى ما صنعت يداه، ويبادر لاستقالة ما جناه، حتّى طرق البشير بما سهّله الله تعالى من انحسار الكربة، وعود مولانا إلى شرف الرّتبة، وصلاح ما فسد، وعود السلطان أعزّ الله نصره إلى ما عهد، وركوبه إلى حضرته، وانقلابه عنه رافلا في تشريفه ومكرمته، فكان معتقد المملوك فيه هلالا في السّرار فأهلّ، وجنينا في الحشا فاستهلّ، فاستولى على المملوك من السّرور ما عمّ جوارحه، وعمر جوانحه، وأطار بجناح المرح، وألبس حلّة الفرح، إذ ما جدّده الله تعالى له من السعادة يحلّ به في العموم، محلّ الغيث السّجوم «١» ؛ لأنّه حرس الله عزّه لا يستأثر بعوارف الله عنده، ولا يكزّ على عطاياه يده، بل يمنح مما منح، ويولي مما تولّى، ولا يضنّ بمال ولا جاه، ولا يقعد عمن أمّله ورجاه، والله تعالى يجعل ذلك مما أقرّبه العيون، وصدّق فيه الظّنون، لا تخلقه الأيام ولا تبليه، ولا تزويه الحوادث ولا تؤثّر فيه، إن شاء الله تعالى.

الصنف الثالث- التهنئة بالخلاص من الاعتقال.

الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي:

جدّد الله سعده، وضاعف جدّه، وأنجح قصده، وأعذب منهله وورده، ولا انفكّت الأيّام زاهية ببقائه، والأنفس مسرورة بارتقائه إلى رتب عليائه.

أصدرها تفصح عن شوق يعجز عن سوقه الجنان، ويقصر عن طوله اللّسان، وسرور تزايد حتّى أبكاه، ولا عج بمشاهدة طلعته السعيدة أغراه، وتهنّيه بما جدّد الله له بعد الاعتقال من الفرج والفرح، ومنّ به بعد ضيق الخواطر من الابتهاج والمرح، فهذه المسرّة ماء زلال برد بها الأوام، وإنعام عامّ، حمد الله عليها الخاصّ والعامّ، فالحمد لله الذي عوّضه عن مأتم الحزن بما تمّ من السرور، و [عن] الهمّ المانع عن الورود والصّدور بانشراح الصّدور، فإنّ القلوب شعفها حبّه وشغفها، وضاعف لتعويقه أساها وأسفها، بحيث اعترى المناطق قلق

<<  <  ج: ص:  >  >>