مصلحا، ولأمله منجحا، لا تغيّر عليه فيما هو فيه، ودعه حتّى يتبين لك خافيه؛ ولتستقص في كلّ وقت عنهم الأخبار، ولتستعلم حقائق ما هم عليه بمن تستصحبه من الأخيار، ولا تزال منهم على يقين، وعمل بما فيه خلاص دنيا ودين.
[الوظيفة الخامسة (الخطابة)]
وهي من أجلّ الوظائف وأعلاها رتبة في نفس الأمر. وموضوعها معروف وتختصّ هذه الطبقة من التواقيع بخطابة الجوامع.
وهذه نسخة توقيع بخطابة الجامع «١» بقلعة الجبل المحروسة، حيث مصلّى السلطان، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبيّ:
الحمد لله الذي أنار بالذّكر قلوب أوليائه، وكشف بالذّكرى بصائر أصفيائه، وأنال أهل العلم بالإبلاغ عنه إلى خلقه وراثة أنبيائه، واختار لإذكارنا بآلاء الله من فرسان المنابر من يجاهد الأعداء بدعائه، ويجاهر الأودّاء من مواعظه بما يعلم كلّ منهم أنّ في مؤلم صوادعه دواء دائه؛ فإذا افتتح بحمد الله أثنى عليه بموادّ علمه حقّ ثنائه، ونزّهه بما ينبغي لسبحات وجهه وجلال قدسه وتقدّس أسمائه، وأثنى كما يجب على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم الذي آدم ومن بعده من الرّسل تحت لوائه، وإذا تليت على خيل الله خطبته تشوّقت بلقاء أعداء الله إلى لقائه، وخطبت الجنان من بذل نفوسها ونفائسها بما أقنته في سبيل الله لاتّقائه.
نحمده على أن جعلنا لذكره مستمعين، ولأمره ونهيه متّبعين، وعلى حمده في كل ملأ من الأولياء مجتمعين.