وبعد، فإنّ أولى من عظم شانه، وكرم مكانه، وثبت إمكانه، وأنبت في منابت الرماح قلمه الّذي هو ترجمانه، وبسطت في تشييد الممالك يده وأطلق لسانه- من كان علامة العلم، وغدا بالنشاط في كبره فتيّ السّنّ كهل الحلم، الذي فاق جلالة ونسبا، واستعلى همّة وأدبا، وعرف بالديانة الّتي طار صيتها في الآفاق شرقا ومغربا، والهمّة الّتي سواء عليها أحملت قلما أم انتضت قضبا.
ولما كنت أيّها المجلس الفلاني- أدام الله تأييدك، وتسديدك وتمهيدك، وكبت حسودك، وضاعف صعودك- أنت المعنيّ بهذه المآثر، المنضّدة عليك هذه الجواهر، الدالة على مناقبك هذه المفاخر، الذي وجدناك على الانتقاد تزيد استخلاصا، وتعدو على السّبك خلاصا، فلذلك خرج الأمر الشريف أن توزّر، وتحمى موارد آرائك لتستغزر، ويكون لك الحكم في المملكة الشامية عموما، وتتصرّف في معاملاتها مجهولا ومعلوما، على أكمل قواعد الوزراء وأتمها، وأجملها وأعمّها، متصرّفا في الكثير والقليل، والحقير والجليل، تعزل وتولّي من شيت، وتكفي وتستكفي من ارتضيت. ونحن نوصيك بالرّفق الّذي هو أخلق، والعدل الّذي تستدرّ به سحب الأموال وتستغدق، والحقّ فإن كل القضايا به تتعلّق، ويمن السياسة فإن الرياسة بها تكمل وتعدق؛ وإيّاك والغرض الذي هو يهوي بصاحبه، ويرديه في عواقبه؛ واتّق الله الّذي لا تتم الصالحات إلا بتقواه، واحذر أن تكون مع من ضلّ سبيله واتبع هواه؛ والله تعالى ينجح رجاءك ويوضّح منهجك، ويعلي درجك، ويلقّنك إذا خاصمت واختصمت حججك، إن شاء الله تعالى.
[الطبقة الثالثة (من يكتب له مرسوم شريف، وهي على مرتبتين)]
[المرتبة الأولى (من يكتب له في قطع النصف وهو نائب قلعة دمشق)]
إن كان مقدّم ألف كما كان أوّلا، كتب له ب «المجلس العالي» . أو