نبّه عليه صاحب «المثل السائر» وغيره، وسيأتي الكلام على أمثلة ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ثم من المكاتبات ما يعسر معه الإتيان ببراعة الاستهلال «١» فيما يلي ذلك من الكلام في مقدّمة المكاتبة قبل الخوض في المقصود ولا يهملها جملة. على أن الشيخ شهاب الدين محمودا الحلبيّ، رحمه الله، قد ذكر في كتابه «حسن التوسل» أنه إن عسر عليه براعة الاستهلال، أتى بما يقارب المعنى. وبكل حال فإذا أتى ببراعة استهلال في أوّل مكاتبته استصحبها إلى الفراغ من الخطبة إن كان الكتاب مفتتحا بخطبة، وإلّا استصحبها إلى الفراغ من مقدّمة الكتاب الآتي بيانها.
الأصل الثالث (أن يأتي في المكاتبة المشتملة على المقاصد الجليلة بمقدّمة يصدّر بها تأسيسا لما يأتي به في مكاتبته)
مثل أن يأتي في صدور كتب الحثّ على الجهاد بذكر افتراضه على الأمّة، وما وعد الله تعالى به من نصر أوليائه، وخذلان أعدائه، وإعزاز الموحّدين، وقمع الملحدين. وفي صدور كتب الفتح بإنجاز وعد الله الذي وعده أهل الطاعة من النّصر والظّفر، وإظهار دينه على الدّين كلّه. وفي صدور كتب جباية الخراج «٢» ، يصدّر بحاجة قيام الملك وأسّ السلطنة إلى الاستعانة بما يستخرج من حقوق السلطان في عمارة الثّغور، وتحصين الأعمال، وتقوية الرّجال، ونحو ذلك مما يجري على هذا النمط مما سيأتي بيانه في مقاصد المكاتبات في الكلام على الابتداآت والجوابات فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فقد قيل: إنه لا يحسن بالكاتب أن يخلي كلامه- وإن كان وجيزا- من مقدّمة يفتتحه بها وإن وقعت في حرفين أو ثلاثة، ليوفّي التأليف حقّه. قال في