لا توءم معه، والحيّ الذي لا تخترمه المنون، والقيّوم الذي لا تشغله الشّؤون، والقدير الذي لا تؤوده المعضلات، والخبير الذي لا تعييه المشكلات» ثم قال:
إن هذه التحميدة لا تناسب الكتاب الذي افتتحه بها، ولكنها تصلح أن توضع في صدر مصنّف من مصنّفات أصول الدين ككتاب «الشامل» للجويني، أو كتاب «الاقتصاد» للغزاليّ، وما جرى مجراهما. فأما أن توضع في أوّل كتاب فتح فلا.
واعلم أن براعة الاستهلال في المكاتبات قد تقع مع الابتداء بالتحميد، كما في كتاب عمرو بن مسعدة المتقدّم ذكره، وكما كتب إبو إسحاق الصابي عن الطائع إلى بعض ولاة الأطراف، عند زوال الوحشة بينه وبين الأمراء، ووقوع الصّلح والاتفاق:«أمّا بعد، فالحمد لله ناظم الشّمل، بعد شتاته، وواصل الحبل، بعد بتاته؛ وجابر الوهن إذا انثلم، وكاشف الخطب إذا أظلم» .
وقد تقع مع الابتداء بالتقبيل كما كتبت «١» إلى بعض الرّؤساء بثغر الإسكندرية، ملوّحا إلى التعبير عنه بالثّغر، وعن الرّيح التي تهبّ عليه من جانب البحر بالملثم «٢» ، وعن مستنزه من مستنزهاته بالرمل، وعن المساكن التي به بالقصور «٣» ، مع قربه من البحر، ومناسبة ذكر النّسيم بالثّغر بما صورته: يقبّل أرض ثغر قد رقّ ملثمه، وراق مبسمه؛ باثّا لشكر يعترف الرّمل بالقصور عن حدّه، وتقف أمواج البحر المحيط دون عدّه» .
وقد تقع مع الابتداء بالدعاء، وتكون براعة الاستهلال في الدعاء المعطوف على المبتدإ به، بأن يكون الدّعاء مناسبا للحالة المكتوب فيها، كما