قال الشيخ زكيّ الدين بن أبي الأصبع: ومما يجري به التمثيل في باب المبالغة قول بعض العرب يذم إنسانا بقوله: فلان تكون له الحاجة فيغضب قبل أن يطلبها، وتكون إليه فيردّها قبل أن يفهمها. وقول بعض بلغاء الكتّاب: إن من النعمة على المثني عليك ألّا يخلو من مساعد ولا يخشى من معاند، ولا تلحقه نقيصة المكذّب، ولا يكرهه عوز الأوصاف بالتطلب، ولا ينتهي من القول إلى منتهى إلا وجد بعده مقتضى ووراءه منحى. وسيأتي من المبالغة في أوصاف الخيل والسلاح، وغيرها في قسم الأوصاف من ذلك ما فيه مقنع إن شاء الله تعالى.
[الصنف الرابع ما كان محالا، وهو ما لا يمكن كونه البتة، كقولك آتيك أمس، وأتيتك غدا، وما أشبه ذلك]
قال في «الصناعتين» : فإن اتصل الكذب بمحال صار كذبا محالا، كقولك: رأيت قاعدا قائما، ومررت بيقظان نائم، فإنه كذب للإخبار بخلاف الواقع، ومحال لعدم إمكان الجمع بين النقيضين، وقد تقدّم في النوع الثالث أن أكثر الشعر مبني على الكذب، والاستحالة من الصفات الممتنعة والنعوت الخارجة عن العادة، وذلك في الكذب مما لا نزاع في كثرته في الشعر كما تقدّم.
أما المحال فإنه قليل الوقوع، نادر في النظم والنثر، معدود من المعايب، محكوم عليه بالردّ.
فمن ذلك قول عبد الرحمن بن عبد القسّ:
وإنّي «١» إذا ما الموت حلّ بنفسها ... يزال بنفسي قبل ذاك فأقبر
قال العسكريّ: هذا من المحال الذي لا وجه له، قال: وهو شبيه بقول