القائل: إذا دخل زيد الدار، دخل عمرو قبله، ثم قال: وهذا عين المحال الممتنع الذي لا يجوز، يريد أنه قد توقف كل من الأمرين على الآخر لأنه لا يوجد إلا به فيلزم الدّور، وهو محال فيحكم فيه بالبطلان وقطع الدّور.
ومما يلتحق بالمحال وينخرط في سلكه تناقض المعاني واضطرابها.
فمن ذلك قول المسيّب بن علس «١» في وصف ناقة:
فتسلّ حاجتها إذا هي أعرضت ... بخميصة سرح اليدين وساع «٢»
فكأنّ قنطرة بموضع كورها ... ملساء بين غوامض الأنساع «٣»
وإذا أطفت بها أطفت بكلكل «٤» ... بيض الفرائص «٥» مجفر «٦» الأضلاع
قال في «الصناعتين» : وهذا من المتناقض لأنه قال بخميصة، ثم قال موضع كورها قنطرة، وهي مجفرة الأضلاع، فكيف تكون خميصة وهذه صفتها! وقريب منه قول الحطيئة:
حرج يلاوذ بالكناس كأنّه ... متطوّف حتّى الصباح يدور
حتّى إذا ما الصّبح شقّ عموده ... وعلاه أسطع من سناه «٧» منير
وحصى الكثيب بصفحتيه كأنّه ... خبث الحديد أطارهنّ الكير