والتابعين رضوان الله عليهم. فكان النبي، صلّى الله عليه وسلّم يكتب:«من محمد رسول الله إلى فلان» . ثم كتب أبو بكر الصدّيق، رضي الله عنه، في خلافته:«من أبي بكر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» . ثم كتب عمر بعده:«من عمر بن الخطاب خليفة خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى فلان» . فلما لقّب بأمير المؤمنين زاد في ذلك لفظ «عبد الله» قبل عمر، ولقب «أمير المؤمنين» ، بعده؛ فكان يكتب:«من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى فلان» . ولم يزل الأمر على ذلك إلى خلافة هارون الرشيد، فأمر أن يزاد في صدور الكتب بعد «فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلّي على جدّه «١» محمد عبده ورسوله» . فجرى الأمر على ذلك في زمنه وما بعده، قال أبو هلال العسكريّ في «الأوائل» : وكان ذلك من أجلّ مناقبه. قال صاحب «ذخيرة الكتّاب» : وكان الرشيد قد قال ليحيى بن خالد: إني قد عزمت على أن يكون في كتبي: «من عبد الله هارون الإمام أمير المؤمنين عبد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» - فقال له يحيى: قد عرف الله نيّتك في هذا يا أمير المؤمنين! [وأجزل] لك الأجر؛ والتعبد إنما هو لله وحده لا لغيره- قال: فأكتب «من هارون مولى محمد رسول الله» - فقال: إن المولى ربما كان في كلام العرب ابن العمّ، وجزى الله أمير المؤمنين خيرا عن هذه النية وهذا الفكر.
الأسلوب الثاني (أن يفتتح الكتاب بلفظ «لفلان من فلان» أو «إلى فلان من فلان» وبقية الصّدر، والتخلص ب «أما بعد» أو غيرها، والاختتام بالسلام وغيره على ما تقدّم في الأسلوب الأوّل)
وقد اختلف العلماء في جواز الابتداء في المكاتبة باسم المكتوب إليه؛ فذهب جماعة من العلماء إلى جواز ذلك، محتجّين بأن الصّحابة رضي الله