بيوت العبادات، ومذاكرة أهل الدّين، والسّعي في مصالح المسلمين، ونحو ذلك مما يناسبه.
ثم قال: فإن كان الكتاب مقصورا على الدعاء إلى الحجّ افتتح بالحمد لله على أن جعل لعباده حرما آمنا يمحّص ذنوبهم بزيارته، ويمحو آثامهم بحجّه ووفادته، ويلي ذلك ما يليق به من الحثّ على تأدية المناسك، وتكميل الفرائض والسّنن، وزيارة قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك الحكم في سائر الأبواب الدّينية.
[الصنف الخامس عشر (المكاتبة بالسلامة في الركوب في المواسم والأعياد وما ينخرط في سلكها من المواكب الجامعة)]
قال في «مواد البيان» : جرت العادة أن يكاتب السلطان عمّاله وولاته بسلامة المواسم الإسلامية كلّها؛ لأنها تشاهد لجميع أصناف الرّعايا وذوي الآراء المختلفة والمذاهب المتباينة، والقلوب المتعادية والمتصاحبة في أمر الدين والدنيا، وكلّ متربّص لفتنة ينتهز فرصتها. فلا تكاد هذه المشاهد تخلو من ثورة وحدوث أحداث منكرة تفضي إلى الفتن التي لا ترفع. فإذا أنعم الله تعالى بالسلامة منها، وجب التّحدّث بنعمته، والشّكر لمشيئته، وأن يكتب أمير المؤمنين بسلامة ما قبله إلى عمّاله، لتسكن الكافّة إلى ذلك، ويشتركوا في حمد الله تعالى عليه.
واعلم أن المواسم التي كان يعتاد الخلفاء الركوب فيها والكتابة بالسلامة منها هي: عيد الفطر، وعيد النّحر. وكان الخلفاء الفاطميّون بالديار المصرية يعتادون مع ذلك الركوب في غرّة السّنة، وفي أوّل رمضان، وفي الجمعة الأولى، والجمعة الثانية، والجمعة الثالثة منه، على ما تقدّم ذكره في الكلام على ترتيب المملكة في المقالة الثانية. وكذلك «عيد الغدير» : وهو عيد من أعياد الشّيعة كما سيأتي ذكره. ونحن نشير إلى ذكر مواكبها موكبا موكبا، ونذكر ما جرت به العادة في الكتابة في البشارة بالسلامة في ركوب كلّ موكب منها.