قلت: وقد اعترض في «التثقيف» كلام المقرّ الشهابيّ بن فضل الله في «التعريف» فقال: وفيما ذكره في «التعريف» من التسوية في المكاتبة بين الملوك والسّوقة نظر. وما أشار إليه من النظر ظاهر: فإن الذي تجب مكاتبتهم به ما يكاتب به المرؤوس رئيسه بحسب ما تقتضيه الحال في ابتداء المكاتبات من يقبّل الأرض، كما تكاتب الملوك، بل هم بذلك أحقّ وأجدر. ويكون الخطاب لهم في أثناء المكاتبة بما أشار إليه في «التعريف» بالديوان العزيز، والمواقف المقدّسة أو المشرّفة، والأبواب الشريفة، والباب العزيز، والمقام الأشرف، والجانب الأعلى، ومولانا أمير المؤمنين، ونحو ذلك بحسب ما تقتضيه الحال على ما تقدّم ذكره.
[الطرف الثاني (في المكاتبة إلى ولاة العهد بالخلافة)]
أما على المصطلح القديم حين كانت المكاتبة إلى الخلفاء «لفلان من فلان» فقال في «صناعة الكتّاب» : ويكون التصدير في المكاتبة إلى وليّ العهد على ما تقدّم في المكاتبة إلى الخلفاء مع تغيير الأسماء، غير أنه جعل الفرق بين الإمام وغيره ممن يكاتب بالتصدير أن يقال للإمام في التصدير مع السلام: وبركاته، في أوّل الكتاب وآخره. ومن سوى الإمام تحذف وبركاته من التصدير وتثبت في آخر الكتاب.
وقد تقدّم أنّ التصدير إلى الخليفة حينئذ كان «لعبد الله أبي فلان فلان أمير المؤمنين، سلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فإني أحمد إلى أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلّا هو، وأسأله أن يصلّي على محمد عبده ورسوله. أما بعد، أطال الله بقاء أمير المؤمنين إلى آخره، ويختم بقوله: والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته» .
وحينئذ فتكون المكاتبة إلى وليّ العهد على ما أشار إليه في «صناعة الكتّاب» من الابتداء بالتصدير مع تغيير الأسماء: «لعبد الله أبي فلان فلان وليّ