، وهو بطريرك الملكيّة، القائم عندهم مقام الخليفة، والعجب من جعله في «التثقيف» بمنزلة القان عند التتار، والقان إنما هو بمنزلة ملكهم الأكبر، والباب ليس من هذا القبيل، بل إليه أمر الدّيانة حتّى في التحليل والتحريم.
وقد تقدّم في الكلام على المسالك والممالك عند ذكر البطاركة أنهم كانوا يسمّون القسّيس ونحوه أبا، ويسمّون البطريرك أبا، فأحبّوا أن يأتوا «١» على البطريرك بسمة له تميّزه عن غيره من الآباء، فاختاروا له لفظ الباب، وأنه يقال فيه الباب والبابا ومعناه أبو الآباء، ثم لما غلب الروم على المملكة، وعلت كلمتهم على اليعاقبة، خصّوا اسم الباب ببطريركهم، فصار ذلك علما عليه، ومقرّه مدينة رومية على ما تقدّم هناك، ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في «التثقيف» ضاعف الله تعالى بهجة الحضرة السامية، الباب الجليل، القدّيس، الرّوحاني، الخاشع، العامل، بابا رومية، عظيم الملة المسيحيّة قدوة الطائفة العيسويّة، مملّك ملوك النّصرانية، حافظ الجسور والخلجان، ملاذ البطاركة والأساقفة والقسوس والرّهبان، تالي الإنجيل، معرّف طائفته التحريم والتحليل، صديق الملوك والسلاطين، والدعاء، وصدرت هذه المكاتبة.
قال في «التثقيف» : هذا ما وجدته مسطورا ولم يكتب إليه شيء في مدّة مباشرتي، ولا أدري في أيّ شيء كان يكتب إليه ولا عرفت تعريفه، ولم يتعرّض له المقرّ الشهابيّ بن فضل الله في «التعريف» جملة، ورأيت في بعض الدّساتير أنه لم يكتب إليه إلّا مرّة واحدة، وأن الكتابة إليه في قطع النصف مع المكاتبة المتقدّمة.
الثانية- المكاتبة إلى ملك الروم صاحب القسطنطينيّة
. قد تقدّم في الكلام على المسالك والممالك أنها صارت آخرا إلى بني الأشكريّ، فصار الأشكري