«موادّ البيان» : وعلى هذا السبيل جرت سنّة الكتّاب في جميع الكتب كالفتوح، والتّهاني، والتّعازي، والتّهادي، والاستخبار، والاستبطاء، والإحماد، والإذمام، وغيرها؛ ليكون ذلك بساطا لما يريد القول فيه، وحجّة يستظهر بها السلطان؛ لأن كلّ كلام لا بدّ له من فرش يفرش قبله: ليكون منه بمنزلة الأساس من البنيان.
قال: ويرجع في هذه المقدّمات إلى معرفة الكاتب ما يستحقّه كلّ نوع من أنواع الكلام من المقدّمات التي تشاكلها. ثم قال: والطريق إلى إصابة المرمى في هذه المقدّمات أن تجعل مشتملة على ما بعدها من المقاصد والأغراض، وأن يوضع للأمر الخاصّ مقدّمة خاصّة، وللأمر العامّ مقدّمة عامّة، ولا يطوّل في موضع الاقتصار، ولا يقصّر في موضع الإيجاز، ولا يجعل أغراضها بعيدة المأخذ، معتاصة «١» على المتصفّح؛ وذلك أن الكاتب ربّما قصد إظهار القدرة على الكلام والتّصرّف في وجوه المنطق، فخرج إلى الإملال والإضجار الذي تتبرّم منه النّفوس، ولاسيما نفوس الملوك وذوي الأخطار الجليلة.
أما الأمور التي لا تشتمل على المقاصد الجليلة، كرقاع التّحف والهدايا ونحوهما. فقد ذكر في «موادّ البيان» أنه لا يجعل لها مقدّمة تكون أمامها، فإنّ ذلك غير جائز ولا واقع موقعه. قال: ألا ترى أنهم استحسنوا قول بعضهم في صدر رقعة مقترنة بتحفة في يوم مهرجان أو نحوه: «هذا يوم جرت فيه العادة، بأن تهدي فيه العبيد إلى السادة» واستظرفوا الكاتب لإيجازه وتقريب المأخذ.
[الأصل الرابع (أن يعرف الفرق بين الألفاظ المستعملة في المكاتبات فيضعها في مواضعها)]
قال في «ذخيرة الكتّاب» : يجب على الكاتب الرئيس أن يعرف مرتبة