الصّنف الرابع (من الكتب السلطانية الكتب في الحثّ على لزوم الطاعة وذمّ الخلاف)
قال في «موادّ البيان» : طاعة السلطان والانقياد إليه، والرجوع إلى رأيه والاعتماد عليه، أبدى الأسباب، في استمرار الاتّساق والاستتباب، وهي فرض أوجبه الله تعالى. فقال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
«١» ولا تصح مملكة ولا تدوم دولة إلّا بأمرين؛ أحدهما عدل السلطان، والآخر طاعة الرّعيّة له، فمتى ارتفع أحدهما، فسد السّائس والمسوس، ولم تزل ملوك الأزمنة يقدّمون إلى الرعايا لزوم الطاعة، والاعتصام بحبل الشريعة والنّهي عن مفارقة الجماعة.
قال: والرسم فيها أن تفتتح بالحمد لله على النّعم، في تأليف قلوب أهل الدّين، وجمع كلمة الموحّدين، ورعاية أهوائهم إلى الاتّفاق، وصيانة عصاهم عن الانشقاق، والصلاة على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والتنبيه على فضائل الطاعة، فإنها العروة الوثقى، والمعقل الذي لا يرقى، والحصن الحصين، والكنف الأمين، والحمى الأمنع، والمرقب الأرفع، وأنّ من حافظ عليها فاز وسلّم، وربح وغنم، ومن فارقها خسر وخاب، ونكب عن سبيل الصّواب، وإيضاح ما في سبيل الطاعة من اتّفاق الكلمة، وانتظام شمل الأمة، وشمول الخيرات، وعموم البركات، وعمارة البلاد، وصلاح العباد، وما في المشاققة من الفساد العام، العائد بانتثار النّظام، وانبتات الحبل، وتفرّق الشّمل، واجتثاث الأصل، وطموس الديار، وصيال الأشرار، وانقماع الأخيار، وتوالي الفتن التي لا تصيب الظالم خاصّة دون العادل، ولا المشاقق دون الموافق، وحلول النّوائب المزيلة للنعم، وإتباع ذلك بما يجب من إعذار وإنذار، وترهيب وترغيب، وتذكير وتبصير، ووعظ وتخويف، وبعث العلماء الحصفاء، على ردع الجهلاء السّخفاء، وتنبيه أهل