السلامة والصلاح، على كفّ ذوي العيث والطّلاح، إلى نحو هذا مما يجاريه. وأن يبالغ فيما يورده من هذه المعاني، فإن هذه الكتب إذا كانت بليغة مستوفاة جيّدة العبارة، أخذت بمجامع القلوب، وأغنت عن الكتائب في إدراك المطلوب.
وهذه [مكاتبات] في معنى ذلك أوردها أبو الحسين بن «١» سعد في ترسّله، وهي:
أما بعد، فإن الله افترض الطاعة وأوجبها، وأمر بها ورغّب فيها، وجعلها عصمة من كل فتنة، وضياء من كل شبهة، وسلامة من كل هلكة، وسببا للظّفر بخير الدنيا والآخرة، من أراد الله به خيرا وفّقه لها، وألزمه المحافظة عليها والاعتصام بحبلها، فتعجّل عزّها وشرفها، وسعتها وأمنها، واستحق السعادة في الدار الآخرة بها، والمثوبة عليها.
آخر: وقد علمتم ما جعل الله في الطاعة ولزومها، والمحافظة عليها، من العز والمنعة والأيد والقوّة والفوز بخير الدنيا والآخرة [وما] في خلافها من صنوف المخاوف، وأنواع المتالف.
آخر: وقد كانت الطاعة أنافت بك على كلّ ظليل، وأفضت بك إلى لين مهاد عند إقضاض المضاجع، وصفاء المشارب عند تكدّر المناهل، واتصال أمنة عند حدوث المخاوف، حتّى فعلت كذا وكذا.
آخر: فلم يمرق من طاعته مارق، ولا فارقها مفارق، إلّا صرع الله خدّه، وأتعس جدّه، وخضد «٢» شوكته، وأكذب ظنّه وأمنيّته، وجعله لسيوف الله غرضا، ولأوليائه غنيمة.