وقد ذكر ابن ممّاتي في «قوانين الدواوين» في عيارها أنه يؤخذ ثلاثمائة درهم فضة فتضاف إلى سبعمائة درهم من النحاس الأحمر، ويسبك ذلك حتّى يصير ماء واحدا فيقلب قضبانا ويقطع من أطرافها خمسة عشر درهما، ثم تسبك، فإن خلص منها أربعة دراهم فضة ونصف حسابا عن كل عشرة دراهم ثلاثة دراهم، وإلا أعيدت إلى أن تصح. وكأن هذا ما كان الأمر عليه في زمانه، والذي ذكره المقرّ الشهابيّ بن فضل الله في «مسالك الأبصار» : أن عيارها الثلثان من فضّة والثلث من نحاس، وهذا هو الذي عليه قاعدة العيار الصحيح كما كان في أيام الظاهر بيبرس وما والاها، وربما زاد عيار النحاس في زماننا على الثلث شيئا يسيرا بحيث يظهره النّقد، ولكنه يروج في جملة الفضة، وربما حصل التوقف فيه إذا كان بمفرده.
قلت: أما بعد الثمانمائة فقد قلّت الفضة، وبطل ضرب الدراهم بالديار المصرية إلا في القليل النادر لاستهلاكها في السروج والآنية ونحوها، وانقطاع واصلها إلى الديار المصرية من بلاد الفرنج وغيرها، ومن ثمّ عزّ وجود الدراهم في المعاملة بل لم تكد توجد. ثم حدث بالشأم ضرب دراهم رديئة فيها الثلث فما دونه فضة والباقي نحاس أحمر، وطريقة ضربها أن تقطع القضبان قطعا صغارا كما تقدم في الدنانير، ثم ترصع إلا أن الدنانير لا تكون إلا صحاحا مستديرة والفضة ربما كان فيها القراضات الصغار المتفاوتة المقادير فيما دون الدرهم إلى ربع درهم وما حوله؛ وصورة السكة على الفضة كما في الذهب من غير فرق.
[الصنف الثالث الفلوس المتخذة من النحاس الأحمر]
وقد تقدّم أنه كان في الزمن الأوّل فلوس صغار كل ثمانية وأربعين فلسا منها معتبرة بدرهم من النّقرة إلى سنة تسع وخمسين وسبعمائة في سلطنة الناصر حسن