الإسلام، وقام به حق القيام، وأمر به أمراءه وعساكره، فمنهم من كان سبق إسلامه ومنهم من أجاب داعيه فأسلم، وفشا فيهم الإسلام، وعلا لواؤه حتّى لم تمض عشرة أعوام، حتّى اشتمل فيها بملاءته الخاص والعام، وأعان على ذلك من في تلك البلاد من الأئمة العلماء والمشايخ الصلحاء. وصارت التجار من مصر والشام متردّدة إلى تلك الممالك، وهو يكرمهم أتم الإكرام، على أن رعايا هذه المملكة من قدماء الإسلام، السابقين إليه كانوا مع كفر ملوكهم في جانب الإعزاز والإكرام، لا يتطرّق إليهم منهم أذية في دين ولا حال ولا مآل.
[الجملة السابعة في ترتيب هذه المملكة وحال عساكرها]
أما ترتيبها فقد أشار في «مسالك الأبصار» إلى أنها على نحو ما تقدّم في مملكة إيران لا تفاق ملوك بني جنكزخان في الترتيب على طريقة واحدة.
وأمّا عساكرهم فذكر أن عساكرهم من أهل النّجدة والبأس، لا يجحد ذلك من طوائف الترك جاحد، ولا يخالف فيه مخالف، حتّى حكى في «مسالك الأبصار» عن مجد الدين إسماعيل السلاميّ أنه كان إذا قيل في بيت هولاكو:
العساكر تحرّكت من خوارزم والقبجاق، لا يحمل لذلك أحد منهم همّا. وإذا قيل: إن العساكر تحرّكت مما وراء النهر، تأثروا لذلك غاية التأثر، لأن هؤلاء أقوى ناصرا وإن كان أولئك أكثر عددا، لأنه يقال: إن واحدا من هؤلاء بمائة من أولئك، ولذلك كانت خراسان عندهم ثغرا لا يهمل سداده، ولا يزال فيه من يستحق ميراث التخت أو من يقوم مقامه، ولما وقر في صدورهم لهؤلاء من مهابة لا يقلقل طودها، لأنهم طالما بلوهم في الحرب وابتلوهم فيها.
[القسم الثاني من مملكة توران خوارزم والقبجاق]
قال في «مسالك الأبصار» : حدّثني الشيخ نجم الدين بن الشّحام الموصليّ: أن هذه المملكة متسعة الجوانب طولا وعرضا، كبيرة الصحراء، قليلة