مكاتباته صلّى الله عليه وسلّم:«السّلام على من اتّبع الهدى» بدل «والسّلام» ويتخلّص فيها بأمّا بعد تارة، وبغيرها أخرى؛ وعلى ذلك جرى الخلفاء من الصحابة رضي الله عنهم، وخلفاء بني أميّة، وخلفاء بني العبّاس ببغداد، ومن شاركهم في الأمر من ملوك بني بويه وبين سلجوق ومن في معناهم. وتختتم هذه المكاتبة تارة بلفظ «والسّلام على من اتبع الهدى» إن لم يذكر السّلام في الأوّل، وتارة بغير ذلك.
[الأسلوب الثاني (أن تفتتح المكاتبة بالدعاء)]
كما يكتب كتّاب الزمان «أطال الله بقاء الحضرة الفلانية: حضرة الملك الفلاني» أو «أطال الله بقاء الملك الفلاني» وما أشبه ذلك. وقد تقدّم الخلاف في أصل جواز المكاتبة بالدّعاء، وما قيل في الدعاء بطول البقاء وما في معناه، من الكراهة، وأنّ جماعة من العلماء والكتّاب أجازوه.
فإن قيل: على تقدير جواز ذلك في حقّ المسلم، فكيف يجوز في حقّ الكافر؟ فالجواب أنه قد ورد «أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، استسقى فسقاه يهوديّ، فقال له:
جمّلك الله، فما رؤي الشّيب في وجهه حتّى مات» فقد دعا صلّى الله عليه وسلّم ليهوديّ بالجمال، وقد لا يكون في طول بقائه على الإسلام ضرر، بل قد يكون فيه نفع، كحمل جزية ونحوه، وإنما يمنع الدعاء له بالعزّ والنّصر وما في معنى ذلك.
تنبيه- اعلم أن الأجوبة قد تفتتح بما تفتتح به الابتداءات من الأساليب المتقدّمة، ثم يؤتى بالأجوبة في أثنائها مثل أن يقال:«وقد وصل كتاب المجلس أو الجناب» أو «وردت مكاتبته» أو «عرضت مكاتبته على أمير المؤمنين، أو على المسامع الشريفة» وما أشبه ذلك. وقد يجعل الجواب ابتداء، فيفتتح الكتاب بنحو:«عرضت مكاتبتك على أمير المؤمنين» مثلا كما كان يكتب في الزمن المتقدّم، أو «عرضت المكاتبة الواصلة من جهة المجلس أو الجناب الفلانيّ على المسامع الشريفة» أو «وردت مكاتبته» أو «وصلت مكاتبته»