وكما كتب: ممّن لا يتمنّى الخير إلّا له، إذ كان لا يناله إلّا به.
المصطلح الثاني (من مصطلحات الديار المصرية ما كان عليه الحال في الدولة الأيّوبيّة مما جرى عليه القاضي «١» الفاضل ومن بعده، وهو على قسمين)
القسم الأوّل- الابتداء: وليس لمصطلحهم ضابط في الابتداء ولا في الترتيب في الرّفعة والضّعة، بل افتتاحاتهم في ذلك متباينة.
فمن ذلك الافتتاح بالدعاء، وهو أكثر ما يقع في مكاتباتهم، والغالب في ذلك الدعاء للمجلس، كما كتب القاضي الفاضل إلى العماد الأصفهانيّ: أدام الله أيام المجلس التي لحسنات المدلّ مديلة، ولعثرات المقلّ مقيلة، ولمعاطف العزّ مميلة، ولمقاطف الفوز منيلة، ولقداح الجدوى مجيلة، ولا زالت الآراب بمكارمه باجخة، والآراء بمراسمه ناجحة، ومتاجر المفاخر بموالاته رابحة، وأيدي الآمال لأياديه بمصافاته مصافحة، وأرواح أوليائه بروح آلائه في مواطاة أعطياته عابقة فائحة، وأدعية الداعين لأيامن أيّامه، المذعنين لعهود إنعامه، طيّبة صالحة.
ومن ذلك افتتاح العماد «٢» الأصفهانيّ في اعتذار تأخّر المكاتبات: إن تأخّرت مكاتباتي، فإنّ العذر معلوم، والأجر محتوم، والقلم مصدود، واللّقم مسدود، والبلد محصور.