ومن شأنه أنه لا يأوي تحت سقف ولا يستظل به، بل يهييّء وكره في المواضع المشرفة؛ وفي طبعه الزنا والخيانة؛ ويوصف بالسرقة والخبث. وإذا رأى حليّا أو عقدا اختطفه؛ والعرب تضرب به المثل «١» في جميع ذلك. وإذا باضت الأنثى منه أخفت بيضها بورق الدّلب خوفا عليه من الخفّاش، فإنه متى قرب من البيض مذر وتغير من ساعته. ويقال: إنه يخبأ قوته كما يخبؤه الإنسان والنملة إلا أنه ينسى ما يخبؤه. وبعضهم يعدّه في جملة الغربان. وفيه وجه عندنا بحل أكله.
ومنها «الشّقراق» -
بفتح الشين المعجمة وسكون القاف وألف بين الراء المهملة والقاف الثانية- ويجوز فيه كسر الشين أيضا، وربما قلبوه فقالوا:
الشّرقاق؛ ويسمّى: الأخيل أيضا؛ وهو طائر صغير بقدر الحمام أخضر مشبع الخضرة، حسن المنظر في أجنحته سواد. والعرب تتشاءم به.
وفي طبعه الشّره حتّى إنه يسرق فراخ غيره. وعدّه الجاحظ نوعا من الغربان؛ ويكثر ببلاد الشام والروم وخراسان؛ ولا يزال متباعدا من الإنس، يألف الرّوابي ورؤوس الجبال؛ إلا أنه يحضن بيضه في عوالي العمران التي لا تنالها الأيدي.
وعشّه شديد البنيان، وله مشتى ومصيف.
قال الجاحظ: وهو كثير الاستغاثة، إذا مر به طائر ضربه بجناحه وصاح كأنه هو المضروب. وفيه وجه بحلّ أكله.
[ومنها «الغراب الأبقع» -]
قال الجوهريّ: وهو الذي فيه بياض وسواد، ويسمّى: غراب البين أيضا؛ قال صاحب «المجالسة»«٢» : سمي بذلك لأنه بان عن نوح عليه السلام حين أرسله لينظر الماء فذهب ولم يرجع؛ قال ابن قتيبة:
وجعل فاسقا لأجل ذلك. ويسمّى: الأعور، إمّا لانه يغمض إحدى عينيه لقوّة بصره، وإما لصفاء عينيه وحدّة بصره من باب الأضداد.