قد تقدّم في الكلام على ابتداء عمارتها أن أوّل من عمرها بعد الطوفان بيصر ابن حام بن نوح عليه السلام، وكان بيصر قد كبر سنه وضعف، فأقام يسيرا ثم مات، فدفن في موضع دير أبي هرميس غربيّ الأهرام. قال القضاعي: ويقال إنها أوّل مقبرة دفن فيها بأرض مصر؛ وملك بعده ابنه مصر فعمر وطالت مدّة ملكه، وعمرت البلاد في أيامه وكثر خيرها، ثم مات؛ وملك بعده ابنه (قبطيم) ، وإليه ينسب القبط، ويقال إنه أدرك بلبلة الألسن التي كانت بعد نوح عليه السلام، وهي ريح خرجت عليهم ففرّقت بينهم وصار كل منهم يتكلم بلغة غير لغة الآخر، وخرج منها باللغة القبطيّة «٢» ؛ ثم ملك بعده ابنه (قفط) ، وهو الذي بنى مدينة قفط «٣» بالصعيد الأعلى وسماها باسمه، وآثارها باقية «٤» إلى الآن؛ ثم ملك بعده أخوه (أشمن) ، وهو الذي بنى مدينة الأشمونين المتقدّم ذكرها بالوجه القبليّ، وطالت مدّته حتّى نقل أنه بقي ثمانمائة سنة، وقيل ثمانمائة وثلاثين؛ ثم ملك بعده أخوه (أتريب) ، وهو الذي بنى مدينة أتريب المتقدّمة الذكر بالوجه البحريّ من الديار المصرية؛ ثم ملك بعده أخوه (صا) ، وهو الذي بنى مدينة صا «٥» المتقدّم ذكرها بالوجه البحريّ أيضا؛ ثم ملك بعده (قفطريم) بن قفط، ويقال: إنه الذي وضع أساس الأهرام الدهشورية غير الهرم الأوّل الذي بناه هرجيب المتقدّم ذكره قبل